فإن خاف المُحْرِم ألا يتمكن من أداء نسكه؛ لكونه مريضًا أو خائفًا من عدو ونحوه، استُحب له أن يقول عند إحرامه:(فإن حبسني حابس، فمَحِلي حيث حبستَني) لِما ورد عن عائشة ﵂ قالت: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ضُبَاعَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ! فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:«حُجِّي، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»(١).
قال ابن عثيمين: فالاشتراط سُنة لمَن كان يَخاف المانع من إتمام النسك، غير سُنة لمَن لم يَخَفْ. وهذا القول هو الصحيح، وهو الذي تجتمع به الأدلة؛ فإن الرسول ﷺ أَحْرَم بعُمَره كلها، ولم يقل:(إِنْ حَبَسني حابس)، بل أَمَر به مَنْ جاءت تستفتي؛ لأنها مريضة، وتَخشى أن يشتد بها المرض فلا تُكمل النُّسك (٢).
[المبحث الثالث: صيغة الاشتراط]
صيغة الاشتراط أن يُهِل بالنسك الذي يريده من عمرة أو حجة، فيقول:(لبيك اللهم عمرة، أو حجة)، ثم يقول:(إِنْ حَبَسني حابس، فمَحِلي حيث حبستَني)(٣).
قال ابن قُدامة: وَغَيْرُ هَذَا اللَّفْظِ مِمَّا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَعْنَى، وَالْعِبَارَةُ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ لِتَأْدِيَةِ الْمَعْنَى (٤).
(١) رواه مسلم (١٢٠٧). (٢) «الشرح الممتع» (٧/ ٧٢)، و «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٠٦)، و «إعلام المُوقِّعين» (٣/ ٤٢٦). (٣) «مغني المحتاج» (٢/ ٣١٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٠٩). (٤) «المغني» (٥/ ٩٤).