[المبحث الأول: أنساك الحج ثلاثة]
الأول: الإفراد: وهو أن يُحْرِم بالحج مُفْرَدًا وحده، بأن يقول: (لبيك حجًّا).
الثاني: القِران: وهو أن يُحْرِم بالعمرة والحج معًا في نسك واحد، فيقول: (لبيك عمرة وحجًّا)، أو يُحْرِم بالعمرة ثم يُدْخِل عليها الحج قبل الطواف.
الثالث: التمتع: وهو أن يُحْرِم بالعمرة مُفْرَدة في أَشْهُر الحج، أي: في شَوَّال، وذي القعدة، وذي الحجة، فيقول: (لبيك عُمْرة) ثم يحل منها، ثم يُحْرِم بالحج من عامه.
[المبحث الثاني: جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة]
نُقِل الإجماع على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة (١).
ولكن هذا الإجماع منخرم، فقد اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: جواز الأنساك الثلاثة: الإفراد، والقِران، والتمتع.
واستدلوا بالسُّنة: فَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ» (٢).
فهذا صريح في جواز الأنساك الثلاثة: الإفراد، والقِران، والتمتع.
القول الثاني: أن مَنْ لم يَسُق الهَدْي فليس بمُخيَّر بين الأنساك الثلاثة، بل يتعين عليه أن يحج متمتعًا. وقد ورد هذا القول عن ابن عباس، وأهل الظاهر، وابن القيم.
القول الثالث: جواز الإفراد والقِران دون التمتع. وبه قال أبو بكر وعمر وعثمان.
واستدلوا بالسُّنة والمأثور:
أما السُّنة، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «كَانَتِ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ خَاصَّةً» (٣).
(١) قال الماوردي: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ. «الحاوي» (٤/ ٤٤). ونَقَل أيضًا الإجماع: النووي في «شرح مسلم» (٨/ ١٣٤)، والبغوي في «شرح السُّنة» (٧/ ٧٤)، وابن قُدامة في «المغني» (٥/ ٨٢)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٨/ ٢٠٥).
(٢) رواه البخاري (٤٤٠٨)، ومسلم (١٢١١). وفي رواية عند مسلم: «قَالَتْ: مِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، وَمِنَّا مَنْ قَرَنَ، وَمِنَّا مَنْ تَمَتَّعَ».
(٣) مسلم (١٢٢٤).