الوجه الثاني: بحَمْل قوله ﷺ: «هَذِهِ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصُرِ» على أن المراد به أنه لا تجب عليكن، ولا يَلزمكن إلا هذه الحَجة.
[المبحث السابع: من مقاصد الحج]
• المَقصِد الأول: تحقيق التوحيد وإخلاص العبادة لله:
لأن الله تعالى ما أَمَر ببناء البيت إلا لذلك، كما قال سبحانه: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾ [الحج: ٢٦] وتطهير البيت إنما يكون بتطهيره من الشرك والأوثان، وكذا من الأوساخ والأدران.
فالعلاقة واضحة بين التوحيد والحج؛ ولذا فإن سائر المناسك مبنية على التوحيد.
ودل على ذلك أمور كثيرة، منها:
الأول: أن النبي ﷺ لم يحج في السَّنة التاسعة حين فُرِض الحج؛ لأن الشرك كانت آثاره بادية في المسجد الحرام، حيث كان المشركون يطوفون بالبيت عراة، ويُحَوِّلون الحج إلى موسم ومِهرجان للوثنية، فبَعَث النبيُّ ﷺ أبا بكر الصِّديق أميرًا على الحج، وأَمَره أن يبين للناس أمرين:«لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ»(٣).
(١) قال الذهبي: وهذا منكر، فما زلن يَحججن. «ميزان الاعتدال» (٤/ ٣٣٠). (٢) البخاري (١٨٦٠). (٣) أخرجه البخاري (٣٦٩) (١٦٢٢)، ومسلم (١٣٤٧) عن أبي هريرة ﵁.