الفصل الرابع: شروط الذكاة:
وفيه ثلاثة مباحث:
[المبحث الأول: التسمية]
اختَلف أهل العلم في اشتراط التسمية في الذكاة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن التسمية شرط، لا تَحِل الذكاة بدونه، عمدًا كان أو نسيانًا.
وبه قال أحمد في رواية، وهذا مذهب الظاهرية، واختاره ابن تيمية (١).
واستدلوا بالكتاب والسُّنة والمعقول:
أما الكتاب، فاستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١].
وأما السُّنة، فاستدلوا بقول النبي ﷺ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ» (٢).
وَجْه الدلالة: أنه ﷺ عَلَّق حِلّ الذبيحة بشرطين: إنهار الدم، وذِكر اسم الله.
وعن عَدي: قال ﷺ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ» (٣).
وَجْه الدلالة: أنه ﷺ وقف الإذن بالأكل على التسمية.
القول الثاني: أنها واجبة مع الذِّكر، وتَسقط بالنسيان. وهذا مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة (٤).
واستدلوا لسقوط الوجوب بالنسيان بعموم قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١].
وَجْه الدلالة: أن الناسي لا يُسَمَّى فاسقًا، وأن النسيان يُسْقِط المُؤاخَذة، والجاهل
(١) «الإنصاف» (١٠/ ٣٠٢)، و «المُحَلَّى» (٧/ ٤١٢)، و «مجموع الفتاوى» (٣٥/ ٢٣٩).
(٢) رواه البخاري (٣٠٧٥)، ومسلم (١٩٦٨).
(٣) رواه البخاري (٧٣٩٧)، ومسلم (١٩٢٩).
(٤) «المبسوط» (١١/ ٢٠٢)، و «الاستذكار» (٥/ ٢٥٠)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٠٢).