الوَطْء في الفرج حرام على المُحْرِم، ومُفسِد لنسكه؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٧]. والرفث المنهي عنه الحاج يَدخل فيه الجماع. فقد نَقَل غير واحدٍ الإجماع على تحريم الوطء حال الإحرام وفساد النسك بالوطء (١).
المبحث الثاني: متى يَفسد الحج بالجماع؟
لا يخلو الجماع في الحج من ثلاث أحوال:
الأولى- إذا جامع المُحْرِم امرأته قبل الوقوف بعرفة، فَسَد حجه.
نَقَل ابن المنذر وابن حزم وابن عبد البر وغيرهم الإجماع على ذلك (٢).
الثانية: إذا جامع المُحْرِم امرأته بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول.
(١) قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن المُحْرِم ممنوع من الجماع في حالة الإحرام. «الإجماع» (ص: ٥٢). وقال ابن عبد البر: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ وَطْءَ النِّسَاءِ عَلَى الْحَاجِّ- حَرَامٌ، مِنْ حِينِ يُحْرِمُ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا رَفَثَ﴾ [البقرة: ١٩٧]. «الاستذكار» (٤/ ٢٥٧). ونَقَل الإجماع: ابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤٢)، وابن رشد في «بداية المجتهد» (٢/ ٩٤)، والنووي في «المجموع» (٧/ ٢٩٠)، وابن مفلح في «الفروع» (٥/ ٤٤٣) وغيرهم كثير. (٢) قال ابن عبد البر: أَجْمَعُوا على أن مَنْ وَطِئ قبل الوقوف بعرفة، فقد أَفْسَد حجه. «الاستذكار» (٤/ ٢٥٨). ونَقَل الإجماع على ذلك أيضًا: ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٥٢)، وابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤٢)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ١٣٣). وقد أَغْرَب الشوكاني فقال بعدم فساد مَنْ جامع امرأته قبل الوقوف بعرفة. «السيل الجَرَّار» (ص: ٣٤٢). وهذا القول شاذ لا يُلتفت إليه، وقد أَجْمَع العلماء على أن المُحْرِم إذا جامع قبل الوقوف بعرفة، فَسَد حجه، وقد قال تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] وأن الرَّفَث المنهي عنه الحاج يَدخل فيه الجماع بالإجماع.