لِلْوُصُولِ، فَإِذَا وَصَلَ وَفَعَلَ أَجْزَأَهُ، كَالْمَرِيضِ (١).
[المبحث الثاني: أقسام الاستطاعة]
أقسام الاستطاعة في الحج أربعة:
القسم الأول: أن يكون قادرًا ببدنه وماله، فهذا يَلزمه الحج بنفسه بالإجماع (٢).
القسم الثاني: أن يكون عاجزًا بماله وبدنه، فهذا يَسقط عنه الحج بالإجماع (٣).
القسم الثالث: أن يكون قادرًا ببدنه عاجزًا بماله، فلا يَلزمه الحج بلا خلاف (٤).
القسم الرابع: أن يكون قادرًا بماله، عاجزًا ببدنه عجزًا لا يُرجَى زواله، فهل يجب عليه الحج بالإنابة؟ وفيه مطلبان:
[المطلب الأول: المريض الذي لا يستطيع الحج بنفسه.]
مَنْ لا يَثبت على الراحلة غير مستطيع، فلا يجب عليه الحج؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧].
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» (٥).
وقد نُقِل الإجماع بعدم وجوب الحج على مَنْ لم يستطع أن يَثبت على الراحلة (٦).
والحاصل أن المريض لا يخلو من حالين:
الأول: أن مِنْ المرضى مَنْ يستطيع الحج فيجب عليه، ولا سيما في وقتنا الحاضر، مع التقدم العلمي وتطور وسائل المواصلات، فقد يحج رَجُل على كرسي.
(١) «المبدع في شرح المقنع» (٣/ ٨٧)، وانظر «المغني» (٥/ ٧).
(٢) وقد نَقَل الإجماع على ذلك: النووي في «المجموع» (٧/ ١٩)، وابن قُدامة في «المغني» (٥/ ٧)، وابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤١).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٨/ ٤٣٩). قال ابن العربي: إنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مَغْصُوبًا، لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ الْمَسِيرُ إِلَى الْحَجِّ بِإِجْمَاعٍ الْأُمَّةِ؛ فَإِنَّ الْحَجَّ إِنَّمَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ إِجْمَاعًا. «أحكام القرآن» (ص: ٣٨٩).
(٤) قال ابن قُدامة: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَالًا يَسْتَنِيبُ بِهِ، فَلَا حَجَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ. «المغني» (٥/ ٢١).
(٥) رواه البخاري (١٥١٣)، ومسلم (١٣٣٤).
(٦) «تفسير القرطبي» (٤/ ١٥٠).