وقال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اسْتِلَامَهُمَا (الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ) يَحُطُّ الْخَطَايَا» (١).
المطلب الثاني: استحباب تقبيل الحَجَر الأسود:
عَنْ عُمَرَ ﵁، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ: «إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُكَ، مَا قَبَّلْتُكَ» (٢).
قال ابن عبد البر: لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ تَقْبِيلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي الطَّوَافِ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (٣).
[المطلب الثالث: استلام الحجر وتقبيله]
استلام الحجر وتقبيله لا يخلو من حالين:
الحال الأول: يُستحب استلام الحَجَر إن لم يكن هناك زحام، بالسُّنة والإجماع.
فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ، أَوَّلَ مَا يَطُوفُ» (٤).
قال النووي: فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ، وَهُوَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ بِلَا خِلَافٍ (٥).
(١) إسناده حسن: أخرجه الترمذي (٩٧٥)، وأحمد (٤٤٦٢)، وقد سبق.(٢) البخاري (١٥٩٧)، ومسلم (١٢٧٠). وروى مسلم (١٢٧١): عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَالْتَزَمَهُ. وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِكَ حَفِيًّا.(٣) «الاستذكار» (٤/ ٢٠١). ونَقَل هذا الإجماع ابن رُشد في «بداية المجتهد» (٢/ ١٠٧).(٤) البخاري (١٦٠٣)، ومسلم (١٢٦١). وروى مسلم (١٢٦٨): عَنْ نَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَفْعَلُهُ.(٥) «شرح مسلم» (٩/ ٨) ونَقَل الإجماع ابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤٤).وقال ابن عبد البر: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الرُّكْنَيْنِ جَمِيعًا يُسْتَلَمَانِ- الْأَسْوَدُ وَالْيَمَانِيُّ- وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَسْوَدَ يُقَبَّلُ، وَالْيَمَانِيَّ لَا يُقَبَّلُ. «الاستذكار» (٤/ ١٩٨)، و «التمهيد» (٢٢/ ٢٥٩، ٢٦٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute