المبحث الأول:
يُكْرَه صوم يوم عرفة للحاج:
يُكْرَه صوم يوم عرفة للحاج، ويُستحب له الإفطار. وهو قول جمهور العلماء، منهم: المالكية، والشافعية، والحنابلة (١).
وعن أُم الفضل: «أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا يوم عَرَفَةَ في صَوْمِ النَّبِيِّ ﷺ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ» (٢).
قال ابن القيم: فالصواب أن الأفضل لأهل الآفاق صومه، ولأهل عرفة فطره؛ لاختياره ﷺ ذلك لنفسه، وعَمَل خلفائه بعده بالفطر، وفيه قوة على الدعاء الذي هو أفضل دعاء العبد، وفيه أن يوم عرفة عيد لأهل عرفة، فلا يُستحب لهم صيامه (٣).
المبحث الثاني: يُكْرَه الإسراع في السير راكبًا أو ماشيًا،
إسراعًا يؤدي إلى الإيذاء؛
لعموم قوله ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ».
المبحث الثالث: يُكْرَه التطوع بين صلاتي الظهر والعصر بعرفة:
وبه قال الحنفية والمالكية والحنابلة (٤).
فعن جابر ﵁، وفيه: «ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» فهذا الحديث صريح في أن النبي ﷺ لم يُصَلِّ نافلة يوم عرفة بين الظُّهر والعصر، ولا بعدهما، والخير كل الخير في اقتفاء أثره واتباع سُنته ﷺ.
وذهب الشافعية إلى أنه يُسَن فعل السُّنن الرواتب في عرفة (٥).
والراجح: أنه لا تُسن السُّنن الرواتب بين الصلاتين، وهذا ما جاءت به السُّنة.
(١) «فتح القدير» (٢/ ٣٥٠)، و «التمهيد» (٢١/ ١٥٨)، و «المجموع» (٦/ ٣٧٩)، و «الفروع» (٥/ ٨٨).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٨٨)، ومسلم (١١٢٣).
(٣) «تهذيب السُّنن» (٣/ ٣٢٢)، وقد توسعتُ في هذا المبحث في كتابي «فقه الصيام» (ص: ٢٩٣).
(٤) «الهداية» (١/ ١٤٣)، و «التمهيد» (٩/ ٢٥٩)، و «المجموع» (٨/ ٨٨، ٨٩)، و «المبدع» (٣/ ٢٣٠).
(٥) «المجموع» (٨/ ٩٢).