المبحث الرابع: حُكم النوم والأكل في المسجد: وفيه مطلبان:
المطلب الأول: حُكم النوم في المسجد:
اتَّفَق العلماء على جواز النوم للمعتكف، وعلى جواز النوم غير المستدام (١).
واختلفوا في اتخاذ المسجد مبيتًا ومَقيلًا على وجه الديمومة والاستمرار، على قولين:
الأول: أنه مباح. وهو مذهب الشافعية والحنابلة (٢).
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنَ العَرَبِ. وفيه قالت: فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَسْلَمَتْ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي المَسْجِدِ (٣).
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ … فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ ﷺ (٤).
القول الآخَر: يُكره أن يُتخذ المسجد مقيلًا ومبيتًا على الدوام. وهو مذهب الحنفية والمالكية، ورواية للحنابلة (٥).
والراجح: جواز النوم في المسجد على كل حال، مع المحافظة على نظافة المسجد.
المطلب الثاني: حُكم الأكل في المسجد:
اتَّفَق العلماء على جواز أكل المعتكف في المسجد، واختلفوا في غيره على ثلاثة أقوال:
الأول: جواز الأكل في المسجد. وهو مذهب الشافعية والحنابلة (٦).
الثاني: يُكْرَه الأكل في المسجد. وهو مذهب الحنفية، ورواية عند الحنابلة (٧).
(١) قال ابن رجب: واعلم أن النوم في المسجد لحاجة عارضة، مِثل نوم المعتكف فيه والمريض، ومَن تدركه القائلة- يَجوز عند جمهور العلماء، ومنهم مَنْ حكاه إجماعًا. «فتح الباري» (٣/ ٢٦٣).
(٢) «الأم» (١/ ٥٤)، و «المجموع» (٢/ ١٩٧)، و «الفروع» (٧/ ٤٠٣).
(٣) رواه البخاري (٤٣٩). وفي الباب: وَرَقَدَ عَلِيٌّ فِي المَسْجِدِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ» رواه البخاري (٤٤١)، ومسلم (٢٤٠٩).
(٤) البخاري (٤٤٠) (١١٢١)، ومسلم (٢٤٧٩).
(٥) «فتح القدير» (١/ ٤٢٢)، و «التاج والإكليل» (٦/ ١٢»، و «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٢٠٠).
(٦) «المجموع» (٢/ ١٩٩)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٧١).
(٧) «رد المحتار» (٢/ ٤٤٨)، و «الآداب الشرعية» (٣/ ٣٨٥).