والحاصل: أن الحيوان غير مأكول اللحم على ثلاثة أضرب:
الأول: الحيوان الوحشي كالحية والعقرب، والحشرات كالدود، فيَجوز للمُحْرِم قتله، ولا جزاء عليه (١).
الثاني: سباع البهائم وجوارح الطير، إِنْ قَتَلها المُحْرِم، فلا جزاء فيه.
الثالث: المتولد بين مأكول وغير مأكول، كالمتولد بين حمار وحشي وحمار أهلي، فهذا فيه الجزاء.
المبحث الثالث: صفات الصيد المُحرَّم على المُحْرِم:
يَحرم على المُحْرِم أن يصيد ما جَمَع ثلاث صفات:
الأول: أن يكون صيد بَر؛ لأن صيد البحر حلال لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [المائدة: ٩٦].
الثاني: أن يكون وحشيًّا، كالظباء والأرانب والحَمَام. أما ما ليس وحشيًّا فلا يَحرم على المُحْرِم أكله، كبهيمة الأنعام والدجاج ونحوها، بالإجماع.
واستدل على أن المحظور على المُحْرِم من الصيد- هو ما كان وحشيًّا مأكولًا- بعموم قوله تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ١]. ومَعْنَى ذَلِكَ: (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ الْوَحْشِيَّةِ مِنَ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمُرِ، غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ: غَيْرَ مُسْتَحِلِّي اصْطِيَادِهَا، وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) (٢)
فدل على أن المحظور على المُحْرِم من الصيد هو ما كان وحشيًّا مأكولًا.
الثالث: أن يكون مأكولًا، باتفاق المذاهب الأربعة (٣).
فالحاصل: أن الصيد الذي يُحْظَر على المُحْرِم هو الحيوان البري المتوحش المأكول اللحم، كالظباء والأرانب والحَمَام. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (٤).
(١) نَقَل الإجماع على ذلك ابن المنذر في «المغني» (٥/ ١٧٦).
(٢) تفسير الطبري = جامع البيان، ط/ هَجَر (٨/ ١٨).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٩٦)، و «تحفة المحتاج» (٤/ ١٧٨)، و «المغني» (٣/ ٤٤٠).
(٤) «مغني المحتاج» (١/ ٥٢٤)، و «الفروع» (٥/ ٤٦٧).