المبحث الأول: تعريف الحَلْق والتقصير
الحلق: هو إزالة شعر الرأس كله بالموسى.
والتقصير: هو أخذ جزء من شعر الرأس كله بالمقص (١).
المبحث الثاني: حُكْم الحَلْق أو التقصير
اختَلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الحلق أو التقصير واجب من واجبات الحج والعمرة، يُجْبَر بدم. وهو مذهب الحنفية والمالكية، والصحيح عند الشافعية، والحنابلة في المشهور عنهم (٢).
واستدلوا بالكتاب والسُّنة:
أما الكتاب، فاستدلوا بدليلين:
الدليل الأول: استدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾ [الفتح: ٢٧].
دلت الآية على وجوب الحلق من وجهين:
الأول: أن العبادة إذا سُميت بما يُفعل فيها، دل على أنه واجب فيها، كقوله: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء: ٧٨] يدل على وجوبه في صلاة الفجر، فكذا وَصْف الله تعالى دخول الصحابة الحرم للنسك، بقوله سبحانه: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ﴾ ولو لم يكن الحلق واجبًا لَمَا وَصَفهم به.
الثاني: أن قوله: (لتَدخلُن) خبر بصيغته، ومعناه الأمر، أي: ادخلوا، فيقتضي وجوب الدخول بصفة الحلق. ولَمَّا خصه الله بالذِّكر دون غيره، دل ذلك على أنه نسك واجب.
الدليل الثاني: استدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩].
(١) «المبسوط» (٤/ ٧٠). الحَلْق يكون بالمُوسَى، ولا يكون بالماكينة، حتى ولو كانت على أدنى درجة؛ فإن ذلك يكون تقصيرًا؛ لأن الحلق يكون من غير استئصال. «الشرح الممتع» (٧/ ٣٢٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٠)، و «الاستذكار» (١٣/ ١٠٧)، و «الأم» (٢/ ٢١١)، و «الفروع» (٦/ ٥٦).