والراجح: أنه يبتدئ بالإحرام (لبيك حجًّا) والتلبية (لبيك اللهم لبيك) بعد ركوبه، في ابتداء سيره من الميقات بعد خروجه من المسجد؛ لتضافر الأحاديث على ذلك.
السُّنة السابعة: التلبية، وفيها تمهيد وسبعة مطالب:
تمهيد: يجب على مريد الإحرام في الميقات أن ينويه بقلبه، ويُستحب له أن يُلبِّي بلسانه، فيقول: (لبيك حجًّا). (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك … ).
[المطلب الأول: تعريف التلبية]
قال ابن تيمية: التَّلْبِيَةُ هِيَ إجَابَةُ دَعْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِخَلْقِهِ، حِينَ دَعَاهُمْ إلَى حَجِّ بَيْتِهِ، عَلَى لِسَانِ خَلِيلِهِ إبْرَاهِيمَ ﷺ. وَالْمُلَبِّي هُوَ الْمُسْتَسْلِمُ الْمُنْقَادُ لِغَيْرِهِ، كَمَا يَنْقَادُ الَّذِي لُبِّبَ وَأُخِذَ بِلَبَّتِهِ. وَالْمَعْنَى: إنَّا مُجِيبُوكَ لِدَعْوَتِكَ، مُسْتَسْلِمُونَ لِحِكْمَتِكَ، مُطِيعُونَ لِأَمْرِكَ (١).
والتلبية: هي قول المُحْرِم: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك … ).
المطلب الثاني: حُكْم التلبية:
قال ابن حزم: وأَجْمَعُوا على استحسان التلبية إلى دخول الحَرَم (٢).
وقد اختَلف أهل العلم في وجوب التلبية على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التلبية سُنة في الإحرام. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (٣).
واستدلوا بأنها ذِكر، فلم تجب كسائر الأذكار (٤).
القول الثاني: أن التلبية واجبة في الإحرام. وهو مذهب المالكية (٥).
واستدلوا بأن النبي ﷺ سُئِل: أَيُّ الحَجِّ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «العَجُّ وَالثَّجُّ» (٦).
(١) «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١١٥)، و «معجم مقاييس اللغة»، و «لسان العرب» (مادة: ل ب ب).
(٢) «مراتب الإجماع» (ص: ٤٤). واتَّفَق العلماء على استحباب التلبية. «المجموع» (٧/ ٢٤٥).
(٣) «المجموع» (٧/ ٢٤٦)، و «الحاوي» (٤/ ٨٨)، و «المغني» (٣/ ٢٥٦)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٢٠).
(٤) «كشاف القناع» (٢/ ٤١٩).
(٥) «المعونة» (١/ ٥٢٢)، و «حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٩).
(٦) ضعيف، أعِل بالانقطاع: أخرجه الترمذي (٨٣٧)، وابن ماجه (٢٣٦)، وغيرهما. وعِلته أن محمد بن المنكدر لم يَسمع من عبد الرحمن بن يربوع. قاله الترمذي في «السُّنن» (٢/ ١٨٦).