اللُّبس المُطيَّب بعد الإحرام. وهو مذهب الحنفية والمالكية، وقول عند الشافعية (١).
واستدلوا بالسُّنة:
واستدلوا بأنه لا يَجوز للمُحْرِم أن يضع الطِّيب على ملابس الإحرام قبل أن يُحْرِم فيه؛ لنهي النبي ﷺ عن لُبس المُحْرِم الثوب المُطيَّب، وإذا طَيَّبها لا يلبسها حتى يغسلها أو يُغيِّرها؛ لعموم قول النبي ﷺ:«لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ»(٢).
واستدلوا بأمر النبي ﷺ للرجل بنزع الجُبة التي فيها طِيب، بقوله:«اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ، وَانْزِعْ عَنْكَ الجُبَّةَ».
القول الآخَر: جواز استدامة اللُّبس المُطيَّب ولا فدية عليه، ولكن بشرط ألا ينزعه ثم يعود للبسه مرة أخرى، وإلا لزمت الفدية. وهو المشهور عند الشافعية (٣).
وَجْه الدلالة: أن النبي ﷺ كان يتطيب قبل الإحرام، واستدامة الطِّيب بعد إحرامه دليل على أن الممنوع هو ابتداء التطيب بعد لبس الإحرام وليس استدامته.
واعتُرض عليه من وجهين:
الأول: أن الرخصة إنما جاءت في البدن وليس الثياب؛ لأن الطِّيب في الثوب يبقى لا يُستهلك، بخلاف البدن فإن الطِّيب يُستهلك سريعًا ولا يبقى؛ فلا يصح القياس.
الثاني: أن أَمْر النبي ﷺ للرجل بنزع الجُبة دليل على تحريم استدامته.
والراجح: أنه لا يَجوز للمُحْرِم أن يضع الطِّيب على ملابس الإحرام (الإزار والرداء) وإذا طَيَّبها لا يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها؛ لنَهْي النبي ﷺ المُحْرِم عن لُبس الثوب المُطيَّب بقوله:«لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ» وإنما السُّنة تطييب البدن، كرأسه ولحيته وإبطيه وجسده قبل الإحرام، والله أعلم.
(١) «المبسوط» (٤/ ١٢٢)، و «المدونة» (٢/ ٤٥٦)، و «الذخيرة» (٣/ ٢٢٧)، و «المجموع» (٧/ ٢٤٠). (٢) البخاري (١٥٤٣)، ومسلم (١١٧٧) واللفظ له. (٣) «المجموع» (٧/ ٢١٨). وذهب الحنابلة إلى الكراهة. «الإنصاف» (٣/ ٤٣٢)، و «المغني» (٥/ ٨٠).