وأما استدلالهم بالمعقول، فهو أن الطِّيب معنى يراد للاستدامة، فلم يَمنع الإحرام من استدامته كالنكاحِ (٣).
القول الآخَر: خَالَف المالكيةُ الجمهور، فمنعوا من استدامة الطِّيب في البدن، ولكن دون لزوم الفدية (٤).
واستدلوا بحديث يعلى بن أُمية، وفيه قول النبي ﷺ للرجل:«اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الجُبَّةَ … »(٥).
وَجْه الدلالة: في أمر النبي ﷺ للرجل بغَسْل أثر الطِّيب الذي ببدنه، وبنزع الجبة التي عليها الطِّيب- دليل على منع المُحْرِم من استدامة الطِّيب بعد الإحرام في بدنه وثوبه، ولم يُلزِمه بالفدية.
ونوقش هذا الاستدلال من أربعة أوجه:
الوجه الأول: حَمْل الأمر بغَسْل الطِّيب في حديث يعلى على نوع مخصوص من الطِّيب، وهو الخَلوق، كما صَرَّحَتْ به بعض روايات الحديث (٦).
(١) مسلم (١١٩١). (٢) مسلم (١١٩٢). (٣) «المجموع» (٧/ ٢٢٢)، و «فتح الباري» (٣/ ٣٩٨). (٤) «الذخيرة» (٣/ ٢٢٥). (٥) البخاري (١٥٣٦). وفي رواية: «اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ»، ومسلم (١٢٠٣). (٦) فروى مسلم (١١٨٠) عن يعلى بن أمية، وفيه قول النبي ﷺ للرجل: «انْزِعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ الَّذِي بِكَ».