فلما جلسوا، وكان هؤلاء الثلاثة يومئذ أشراف المدينة والمنظور إليهم، فجاء أبو يوسف حتى جلس مستقبل مالك فقال:
يا أمير المؤمنين! أتأذن لي في مناظرة أبي عبد الله؟
فقال: ناظره.
فقال أبو يوسف: أن أبا عبد الله يقول: لو أن رجلا أخذ لوزة فحلف بالطلاق أن فيها توأما (٢٥٥)، ثم كسرها كسرا عنيفا، لم يعرف ما فيها، لكان حانثا.
فقال المساحقى: أتأذن لي يا أمير المؤمنين في الكلام؟
قال (٢٥٦): نعم؟
قال: أن أبا عبد الله يقول بأشد من هذا، يقول: لو أنه كسرها كسرا رفيقا فخرج منها نوى (٢٥٧) لحنث، لأنه حلف على غيب لا يعرفه، والطلاق لا لعب فيه.
فقال أمير المؤمنين: نعم ما قال.
فقال أبو يوسف: أن أبا عبد الله يقول: لو أن رجلا طلق امرأته قبل أن يدخل بها، وقد أصدقها * مائة دينار، لم يرجع إليه نصف الصداق كما قال الله تعالى.
فقال العمرى: أيأذن لي أمير المؤمنين في الكلام؟
قال: نعم.
قال: أن أبا عبد الله يقول بالقول الذي لا يعرف أمير المؤمنين غيره، وهو قول آبائه ومن مضى من أسلافه، أن رجلا لو أصدق امرأته مائة دينار فقالت: أنا أضعها عند أبوى، وأدخل عليك عريانة، لم
(٢٥٥) ك، م: توأما - أ: نواها. (٢٥٦) الكلام الوارد هنا بين خطين مائلين، من قوله: "قال: نعم، قال: أن أبا عبد الله يقول .. " إلى قوله: "فقام الرشيد إلى المسجد وقمنا معه" كله ساقط من نسختي: ك، م وهو نحو المائة سطر، لذلك اضطررنا أن نقتصر في مقابلته على نسختي: أ، ط. (٢٥٧) ط: نوى - أ: نواة.