وفى رواية أن المنصور قال له: يا أبا عبد الله: ضم هذا العلم (١٥٨)، ودون كتبا، وجنب فيها شدائد عبد الله بن عمر، ورخص ابن عباس، وشواذ ابن مسعود، واقصد أوسط الأمور، وما اجتمع عليه الأئمة والصحابة.
وروى ابن مهدي: قال له ضع كتابا أحمل الأمة عليه.
فقال له مالك: أما هذا الصقع - يعنى المغرب - فقد كفيتكه (١٥٩)، وأما الشام ففيه الأوزاعي، وأما أهل العراق فهم أهل العراق.
* * *
قال عتيق الزبيرى: وضع مالك الموطأ على نحو من عشرة آلاف حديث، فلم يزل ينظر فيه كل سنة، ويسقط منه، حتى بقى هذا، ولو بقى قليلا لأسقطه كله.
قال القطان: كان علم الناس في زيادة، وعلم مالك في نقصان، ولو عاش مالك لأسقط علمه كله، يعني: تحريا.
قال سليمان بن بلال: لقد وضع مالك الموطأ وفيه أربعة آلاف حديث أو قال "أكثر" فمات وهى ألف حديث ونيف، يخلصها عاما عاما بقدر ما يرى أنه أصلح للمسلمين وأمثل في الدين.
وقال مالك - وذكر له الموطأ - فقال: فيه حديث رسول الله ﷺ، وقول الصحابة والتابعين، ورأيي، وقد تكلمت برأيي (١٦٠)، وعلى الاجتهاد، وعلى ما أدركت عليه أهل العلم ببلدنا، ولم أخرج من جملتهم إلى غيره.
وقال أبو موسى الأنصاري: وقعت النار في منزل رجل، فاحترق كل شيء في البيت إلا المصحف والموطأ.
(١٥٨) أ: ضع هذا العلم - ك: ضم هذا العلم. (١٥٩) أ، ط: فقد كفيتكه - ك: فقد كفيته. (١٦٠) برأيي ساقط من نسخة ك.