نصراني ولا ثنوي، إلا وهو يعلم [١] هذا بالضرورة؛ ولما لم يعلموا ذلك بالضرورة، دل أن الخبر كذب، فبهت النصراني والملك، ومن ضمه المجلس، وانفصل المجلس على هذا!
قال القاضي: ثم سألني الملك في مجلس ثان فقال [٢]: ما تقولون في المسيح عيسى بن مريم ﵇؟ قلت: روح الله، وكلمته، وعبده، ونبيه، ورسوله؛ "كمثل آدم، خلقه من تراب، ثم قال له كن فيكون (١) ". وتلوت عليه النص، فقال: يا مسلم، تقولون المسيح عبد؟ فقلت نعم، كذا نقول، وبه ندين؛ قال: ولا تقولون إنه ابن الله؟ قلت: معاذ الله! "ما اتخذ الله من ولد، وما كان معه من (٢) إله" - الآيتان، إنكم لتقولون قولا عظيماً. فإذا جعلتم المسيح ابن الله. فمن كان أبوه وأخوه وجده وعمه وخاله؟ وعددت عليه الأقارب، فتحير وقال: يا مسلم، العبد يخلق، ويحيى، ويبرئ الأكمه والأبرص؟ قلت: لا يقدر على ذلك، وإنما ذلك كله من فعل الله - تعالى قال: وكيف يكون المسيح عبدا لله، وخلقاً من خلقه؟ وقد أتى بهذه الآيات، وفعل ذلك كله؟ قلت: معاذ الله! ما أحيا المسيح الموتى، ولا أبرأ الأكمه والأبرص؛ فتحير وقل صبره، وقال: يا مسلم، تنكر هذا مع اشتهاره في الخلق، وأخذ الناس له بالقبول؟ فقلت: ما قال أحد من أهل الفقه والمعرفة إن الأنبياء يفعلون المعجزات من ذاتهم، وإنما هو شيء يفعله الله - تعالى - على أيديهم - تصديقاً لهم، يجري مجرى الشهادة.