زوجها في صداقها، فنظر القاضى فيه، فقال لها: الصداق مفسوخ، وأنتما على حرام، فافترقا، فرق الله شملكما.
ورمي الصداق الى من حوله من الفقهاء، وفيهم محمد بن فطيس، وقال: عجبا لمن يدعى فقها ولا يحسن! يكتب مثل هذا الصداق وهو مفسوخ، ما كان أحقه بغرم ما فيه، اذ مضرته من نفسه.
فدار الصداق على كل من حضر، فكلهم قال: ما نرى فيه فسادا.
فقال لهم: أنتم أجهل من كاتبه، لكنى أعذركم، أنظروا، وأؤخركم (٦٩١).
فأعادوا النظر، فلم يروا شيئا، فدنا منه محمد بن فطيس، وكان القاضى شديد الاستنامة اليه، لرقة هزله (٦٩٢)، فقال له: ان الله منحك من العلم والفقه ما عجزنا عنه، فأفدنا هذه الفائدة لنأخذها بشكر.
فقال له: أما أنت يا أبا عبد الله فأفيدكها، ادن منى.
فلوى اليه رأسه، فقال له: أليس فيه: "ولا يمنعها من زيارة أهلها" الى آخر هذه هذه الشروط؟ ولولا محبتى فيك ما أعلمتك.
فشكره، وأخذ بطرف لحيته، وكانه طويلة، فجذبها وأشار الى تقبيلها، وقال لأصحابه: قد خصنى بالفائدة دونكم، ولا أعرفها الا لمن أذن فيه.
فتبسم القاضى، وتشفعوا اليه فى ألا يفسخ الصداق، وقالوا للزوجين: لا تطلبا عنده هذا الصداق أبدا، فلو أن أهل الأمصار راموا ازاحته عن رأيه لم يقدروا عليه.