وذكر ابن حارث، أن رده لما ورد على المزني قرأه وسكت، فجعل فتى من البغداديين يحركه في جوابه، والمزنى يعرض عنه، فلما أكثر عليه رمى إليه بالكتاب وقال: أما أنا فقرأت وسكتت، فمن كان عنده علم فليتكلم!
وقال أحمد بن موسى، كان سعيد يقول: كان مالك من الراسخين في الإسلام.
فقال له ابن طالب: وفى العلم؟
فقال: كان والله أرسخ في العلم من الجبال الراسيات.
وحكى المالكي أنه كان معظما لمالك، سئ الرأي في أبي حنيفة وأصحابه، وأنه قال: شكوت بقلبي مسائل لأبي حنيفة، ركب فيها المحال اضطرارا (١٩٠)، نحو أربعمائة مسألة.
قال ابن مسرور النجار: جلست يوما إلى ابن الحداد، فسألته عن مسألة مغفلة (١٩١) من كتاب أشهب، فبدأ بتنزيلها والنظر فيها شيئا فشيئا، حتى بلغ فيها ما بلغ أشهب.
فقلت له: أصبت (١٩٢) أبا عثمان: كذا قال فيها أشهب.
فقال لي: لعل أشهب ما وضعها حتى تدبرها (١٩٣) أياما، ونظر فيها حينا.
وتكلم يوما في مسألة، فقيل له: إن داود قال فيها كذا وكذا، فقال: لو كان نومى كيقظة داود ما تكلمت في العلم.
ودخل عليه يوما رجل أندلسي فحادثه، فقال له سعيد: أراك طالب علم!
قال: نعم، وأنا متوجه إلى المشرق في ذلك،
(١٩٠) هكذا أيضا في معالم الإيمان. وفى نص طا: والنظر فيها. (١٩١) طا: مقفلة. (١٩٢) طا: بقيت. (١٩٣) طا: تدبر فيها.