اختَلّت معرفتُه بالأصُول [١]، قاسَ على اغْتِرار، وبنَى على شَفَا جُرُفٍ هَار.
وقد احتجّ بهذه الحكاية الإمام أبو إسحاق [٢] الشيرازي على الخُراسانيّين في اقتصارهِم في النّظَر على المسائل القياسيات [٣] المسماة عِندهم بالطُّبولِيات [٤]، لتنتيج الكلام فيها، ومَدّ أَنفاس الجِدال بينَ أهلِها. وإذا كان باتّفاق ما قاله الشافعي، وهو قول جماهير العلماء: إن الاجتهاد [٥] لا يصح، ولا القياس [٦]، إلا لمن جمَع آلاتِه [٧]، من علم الكتاب والسنة، وأحكم [٨] ذلك على ما يجب، ثم جمَع إلى ذلك من آلآت الاجتهاد، وفهم الألفاظ والمعاني وتصريفها ما لا غِنَى له [٩] عنه، ثم عرف مواضَع الإجماع والاتفاق، ومسائل الخلاف والنِّزَاع؛ فمتى اختَلَّ على العالمِ شيءٌ من ذلك. كان حَطًّا من [١٠] إمامته، ونقصًا من كماله، ولم يَصحَّ [١١] له الاجتهاد، ولا ساغ [١٢] له النّظَر في الدّين [١٣]، إلا باجتماع ذَلك، ومتَى أَخلّ بهذه [١٤] القواعِد فلا يحِلّ له الاجتهاد في الدّين ولا الفتوى بين المسلمين، ولا القياس على ما لم يَبلَغه.
وقد تقرر استقلال مالك بهذه الأصول، على ألسنة [١٥] المؤالف والمخالف [١٦]، ولا يُلتَفَت إلى متعصب نعق آخر الزمان بما أراد به الغض منه في الاجتهاد،
[١] بالأصول: اب ت ط ك، بالأصل: خ. [٢] أبو إسحاق: ب ت ط ك خ، أبو الحسن: ا. [٣] القياسيات: أخ ب ط ك، القياسية: ت [٤] بالطبوليات: ت خ ك ب، بالطوليات ط. [٥] إن الاجتهاد: ا ت ط ك خ، والاجتهاد: ب. [٦] الاجتهاد لا يصح ولا القياس: ب خ، الاجتهاد والقياس لا يصح: ا، الاجتهاد لا يصح والقياس: ت ط ك. [٧] آلاته: ب، آلته: ت ك، الآلة: ط خ، غير واضحة في ا [٨] وأحكم: ا ت ط ك، وإحكام: خ. [٩] غنى له: ا ب ت ط ك غناء له: خ. [١٠] حطا من: ا ط ك، غضا من: ت خ. [١١] ولم يصح: ا ت ط ك، ولم يتم: خ ب. [١٢] ولا ساغ له يحل له الاجتهاد: ب ت ط خ ك، - ا. [١٣] في الدين: ا ت ط ك خ، في ذلك: ب. [١٤] ومتى أخل بأحد: ا ك ط خ، ومتى اختل بأحد: ت، وأما بجهله بأحد: ب. [١٥] ألسنة: ا ب ت ط ك، الستة: خ [١٦] المؤلف والمخالف: ك ب ت خ، المخالف والمؤالف: ا ط.