وهذا النصُّ يقْتضِي أنَّ القُرْءَ فِي اللُّغةِ حقيقة فِي الطُّهْرِ، مَجازٌ فِي الحَيضِ، وهو المُعتمَدُ خِلافَ ما صحَّحه فِي "الروضة" تَبَعًا للشرحِ مِن الاشْتِراكِ (١)، وفيه مَقالة أُخرَى لِأهْلِ اللُّغةِ: أنَّه حَقيقة فِي الحَيضِ، مَجازٌ فِي الطُّهْرِ (٢)، وما يُحكَى عَن الشافعيِّ مَع أبي عُبيدٍ إنْ صَحَّ يُحمَلُ على هذا.
وأما فِي العِدَّةِ: فتَعليقُ (٣) الطَّلَاقِ على الأَقْراءِ، فلا خِلافَ فِي المَذهبِ: أنَّه الطُّهْرُ، ولكنْ لا (٤) يُعتبَر فِي الطَّلَاقِ تقدُّمُ (٥) حَيْضٍ عليه، على الأصَحِّ، بِخِلافِ العِدَّةِ بِعِلَّةِ ظَنِّ البَراءةِ، فهُو شَرْطٌ شَرعيٌّ هنا على الأصَحِّ، ولَمْ يُفْصِحُوا عنْ هذا المَعنَى.
* * *
(١) يعني أن القرء في اللغة مشترك بين الطهر والحيض، كالجون مشترك بين الظلمة والضوء. قال في "الروضة" (٨/ ٣٦٦): الأقراء، وواحدها قرءٌ بفتح القاف، ويقال بضمها، وزعم بعضهم، أنه بالفتح الطهر، وبالضم الحيف. والصحيح أنهما يقعان على الحيض والطهر لغةً، ثم فيه وجهان للأصحاب. أحدهما: أنه حقيقةٌ في الطهر، مجاز في الحيض. وأصحهما: أنه حقيقةٌ فيهما، هذا أصله في اللغة. (٢) مذهب الشافعية والمالكية أن القرء هو الطهر، راجع "الأم" (٥/ ٢١٠) و"مغني المحتاج" (٣/ ٣٨٥) و"الكافي" (ص ٢٩٣). ومذهب الأحناف والحنابلة أن القرء هو الحيض. راجع "مختصر الطحاوي" (ص ٢١٧) و"المبسوط" (٦/ ١٣). (٣) في (ل): "وتعليق". (٤) "لا": سقط من (ل). (٥) في (ل): "تقديم".