وأما المأثور، فَعَنْ عَائِشَةَ ﵂، أَنَّهَا قَالَتْ: فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ، أَوْ جَمَعَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فلم يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ (١). ونوقش: بأن هذا اللفظ مُعَلّ.
والراجح: استحباب فسخ الحج إلى عمرة التمتع لمن كان مُفْرِدًا أو قارنًا، ولا هَدْي معه؛ لأن رسول الله ﷺ أَمَر أصحابه عَامَ حَجَّ بِفسخ الحج إلى العُمرة، وقال ﷺ:«لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً».
(١) مدار الحديث على عروة بن الزبير، عن عائشة ﵂. واختُلف عليه: فرواه أبو الأَسْود محمد بن عبد الرحمن عن عروة، باللفظ المذكور. رواه مسلم (١٥٦٢). لكن خولف أبو الأَسْود فى ذلك، فرواه الثقات كالزُّهْري عن عروة بلفظ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» أخرجه البخاري (١٥٥٦)، ومسلم (١٢١١). وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» أخرجه البخاري (١٧٨٣)، ومسلم (١٢١١) واللفظ له. وقد أَنْكَر أحمد رواية أبي الأسود فقال: أيش في هذا الحديث من العجب؟! هذا خطأ. قال الأثرم: فقلت له: الزُّهْري عن عروة عن عائشة بخلافه؟ قال أحمد: نعم، وهشام. وقد رواه القاسم عن عائشة قالت: خَرَجْنَا لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ. قَالَتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ: «اجْعَلُوهَا عُمْرَةً» فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. رواه مسلم (١٢١١). وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ ﵂ تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَا نُرَى إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ- أَنْ يَحِلَّ. أخرجه البخاري (٢٩٥٢)، ومسلم (١٢١١). وقالَ ابن القيم: كُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي «الصَّحِيحِ» وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَسْمَاءُ، وَالبَرَاءُ، وَحَفْصَةُ … وَغَيْرُهُمْ. وَفِي اتِّفَاقِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﵌ أَمَرَ أَصْحَابَهُ كُلَّهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَأَنْ يَجْعَلُوا الَّذِي قَدِمُوا بِهِ مُتْعَةً، إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ- دَلِيلٌ عَلَى غَلَطِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَوَهْمٍ وَقَعَ فِيهَا. «زاد المعاد» (٢/ ١٨٦).