واختلفوا في جواز فسخ الحج إلى عمرة التمتع لمن كان مُفْرِدًا أو قارنًا لمن لم يَسُق الهَدْي، على ثلاثة أقوال (١):
القول الأول: يُستحب فسخ إحرام الحج إلى عمرة التمتع لمن لم يَسُق الهدي، فإذا فَرَغ من العمرة وحَل منها، أَحْرَم بالحج من مكة، فيصير متمتعًا. وهذا مذهب الحنابلة (٢).
القول الثاني: يجب فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يَسُق الهَدْي؛ لأن الرَّسُولَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:«اجْعَلُوهَا عُمْرَةً» والأمر للوجوب (٥).
ونوقش بأن هذا الأمر للاستحباب، والقول بالوجوب قول شاذ.
القول الثالث: يَحرم فسخ وتحويلُ النية من الإحرام بالحج إلى العمرة لمن لم يَسُق الهَدْي. وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية (٦).
وأما السُّنة، فاستدلوا بعموم قول الرسول ﷺ:«وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ»(٧) فهذا الحديث يُحَرِّم فسخ وتحويل النية من الإحرام بالحج إلى العمرة.
(١) قال ابن قُدامة: أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِ الْحَجِّ، وَيَجْعَلَهُ عُمْرَةً، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. «المغني» (٥/ ٢٥١). (٢) «المغني» (٥/ ٢٥١)، و «شرح العمدة» (١/ ٤٥٧)، و «زاد المعاد» (٢/ ١٨٤). (٣) رواه البخاري (١٥٦٤)، ومسلم (١٢٤٠). (٤) «التمهيد» (٨/ ٣٥٥، ٣٥٦). (٥) وهو قول الظاهرية، كما في «المُحَلَّى» لابن حزم (٧/ ٩٩)، و «زاد المعاد» (٢/ ١٧٠). (٦) «المبسوط» (٤/ ١٨٣)، و «المُنتقَى» (٢/ ٢١٤)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٩٨)، و «الحاوي» (٤/ ٢١). (٧) أخرجه البخاري (٣١٩)، ومسلم (١٢١١).