أنَّ الصَّحابة كانت إذا وجدتْ خَبَرًا كثرت رواته: اطَّرَحت (١) القياس.
فهذه المسألة اجتهادية إذ (٢) لم يُظفر (٣) فيها بقاطع، بخلاف القطع بتقديم القياس على الخبر المظنون نسخه؛ فإنَّا ظفرنا بالقاطع ثَمَّ على اطراحِ المنسوخ ظَنَّا، وظَنَنَّا ههنا اعتبارهم العدد لإثارته الثقة.
ومن فروعها (٤): تعارض خبرين من عدلين: أحدهما أحفظُ، كرواية عبد الله وعبيد الله في المقاسم (٥)، فرجح المحدثون خبر (٦) عُبيد الله لحفظه.
قال البخاري:«بينهما ما بين الدينار والدرهم، والفضل لعبيد الله».
والمختار فيها: كالأُولى؛ غير أنَّ المقاسم لا يجري فيها إلا قياس جملي يقتضي تفضيل الفارس على الراجل، فتتعيَّن رواية عبيد الله.
فإن تعارضت الثقة والكثرة، فخلافيَّةٌ بين المحدّثين.
والمختار: أنَّها اجتهاديَّةٌ أيضا، والثّقة مقدَّمة؛ إذ لو روى الصَّدِّيقُ خَبَرًا،
(١) (أ): (طرحت). (٢) (أ): (إذا). (٣) (أ): (تظفر). (٤) (أ): (فرعها). (٥) روى عبيد الله العمري عن نافع عن ابن عمر قال: «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَينِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْما». قال: فسره نافع فقال: «إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم. أخرجه البخاري (٢٨٦٣) (٤٢٢٨)، ومسلم (١٧٦٢). وخالفه عبد الله العمري، فرواه عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ كَانَ يُسهِمُ للخيل للفارس سَهمَينِ وللرَّاجِلِ سَهما». أخرجه عبد الرزاق (٩٣٢٠)، والدارقطني (٤١٨٢) والبيهقي (١٢٨٦٨). (٦) (أ): (حديث).