للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا قيمته العلمية، ومنهج ابن المنير في اختصاره

قد ذكرنا فيما مضى أنَّ ابنَ المُنَيّرِ قد شرح البرهان في تصنيف، واختصره في هذا الكتاب الذي نحن بصدد تحقيقه؛ فأما شرحه على البرهان، فهو لم يصل إلينا، ولا نملك عنه إلا معلومات ضئيلة؛ لكن من خلال نقول الزركشي عنه في عشرات المواضع يظهر أنه شرح مبسوط، يذكر فيه المذاهب والأقوال، ويناقش فيه إمام الحرمين، ويعتني بإيراد الاعتراضات، وله فيه ترجيحات واختيارات، خلافًا لصنيعه في هذا المختصر؛ فإنه قد سلك فيه - في الجملة - مسلكا آخر يلائم طبيعة المختصرات؛ وإن كان قد يعترض على الجويني، وربما يخالفه - من غير تصريح - في عدد من المسائل الجزئية، وقد أشرنا إلى شيء منها في مواضعها؛ وأما تتبع ذلك فهو مما يعسر؛ لكونه يعتمد على المقارنة الدقيقة بين الكتابين، ولعل الله ييسر من يقوم بذلك.

كان الهدف الأساسي لابن المنير في هذا الكتاب هو بيان معاني البرهان بعبارات موجزة. وقد أشار إلى ذلك في طليعة مقدمته قائلا: «فهذا الكتاب، والبرهان فرسا رهان، كلاهما خيَّم في بحبوحة الفصاحة وطنب، فهذا أوجز، وذاك أطنب … ». إذا؛ فالهدف - في الأصل - تقريب البرهان وتسهيل معانيه.

إلَّا أنَّ المختصر نفسه في مواضع بحاجة إلى شرح وتوضيح؛ لوجازة عبارته. ففي مواضع ليست قليلة، لا يظهر مقصوده إلا بعد التأمل وإدامة

<<  <   >  >>