للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ (١)

الاستدلال المقبول عندنا: هو المناسب الذي لا يقويه (٢) من ذي الأصل إلا شهادة الأصل له.

والمردود: هو الذي يصادمُ الأصولَ؛ كالمنقول عن مالك أنه يقتل ثلث الأُمَّةِ لاستبقاء ثلثيها؛ دفعاً لأعظم الضررين، فيلزمه شرع العقوبات النادرة على الفواحش النادرة، كقطع الشَّفَة ونحوه؛ استرسالاً في المصلحة.

والمعلوم أنَّ الصَّحابة وقع لهم مثل ذلك، فلم يجاوزوا (٣) الحدود المنصوصة، ولما حدث الإكثار من الخمر، لم يهجموا على زيادة في عقوبته، حتى تيقنوا (٤) أنه لم يكن محدوداً في زمنه ، ومع ذلك قال علي () (٥): «لا أقيم حَدًّا في نفسي منه شيء إلَّا حدَّ الشَّارب؛ لأنه شيء رأيناه بعد النبي » (٦).

***


(١) انظر: البرهان (٢/ ٧٣٢ - ٧٣٥)، التحقيق والبيان (٤/ ١٦٨)، تنقيح الفصول (ص ٤٩٥)، نفائس الأصول (٩/ ٤٠٩٢).
(٢) كذا في النسختين، والتعدية بـ: «من» لا تناسب «تقويه»، فلعل المعنى: لا يُقَوِّيهِ قُربًا، أو ربما صوابها: (يُقَرِّبُهُ). ولعل مما يؤيد ذلك قول الجويني (٢/ ٧٣٣): «وبالجملة؛ لا يحدث الناظر الموفق مسلكًا إلا وبينه وبين ما تمهد في الزمن الماضي من السلف الصالح مداناة».
(٣) (أ): (يتجاوزوا).
(٤) في البرهان: (إلا بعد أن يثبتوا)، صوابها: (إلا بعد أن تَثَبَّتُوا).
(٥) «أ»: ()
(٦) أخرج نحوه البخاري (٦٧٧٨) ومسلم (١٧٠٧).

<<  <   >  >>