إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله؛ أما بعد:
فإن علم أصول الفقه من أجل العلوم الشرعية قدراً، وأرفعها مكانةً، وأشرفها نفعاً؛ لأنها مما توصل صاحبها إلى إدراك الأحكام الشرعية وفهمها، ومعرفة أسرارها، والاستنباط منها، واستحكام مسائلها. ولذا؛ فقد عُني العلماء بهذا العلم الشريف عناية فائقة، وصنف فيها مختلف الطوائف والمذاهب، فكان من أجل تلك المصنفات وأوعبها وأقعدها كتاب «البرهان في أصول الفقه» لأبي المعالي الجويني (ت ٤٧٨ هـ)، وقد نال هذا الكتاب حظوةً عند الأصوليين والفقهاء، فأقبل عليه عدد منهم، يعتنون بفك رموزه، وكشف أسراره. وكان أحد هذه الأعمال التي دارت حول رحاه مختصر البرهان المسمى بـ:«الكفيل بالوصول إلى ثمرات الأصول» للقاضي ناصر الدين ابن المنير المالكي ﵀(ت ٦٨٣ هـ)، الذي أجاد في تقريبه وتهذيبه - بشهادة بعض العلماء. ولما يسر الله تعالى الوقوف على هذا السفر، توجهنا ـدون تردد وتباطؤـ نحو تحقيقه والاعتناء به بما يليق بمكانته لينهل منه أهل العلم وطلابه.