الأول: أن حديث الحارث محمول على ما إذا كان في الزمان نَفَس وفي الوقت مُهلة. فأما إذا أعجلها السير، فلها أن تَنفر من غير وداع؛ بدليل خبر صفية (٣).
الثاني: أن حديث الحارث منسوخ بالأحاديث المُرخِّصة للحائض بترك طواف الوداع (٤).
الثالث: أنه رُوي رجوع زيد وابن عمر إلى القول بسقوط الوداع عن الحائض (٥).
والصحيح: أن طواف الوداع يَسقط عن الحائض؛ لثبوت ذلك بالسُّنة الصحيحة.
وهل يُلْحَق بالحائض كل معذور يترتب على انتظاره ضرر ومشقة، فيَسقط عنه الوداع؟
الجواب: فيه تفصيل؛ فالمعذور لا يخلو من حالين:
الأول: إذا كان يستطيع أن يطوف للوداع بنفسه أو محمولًا، فلا يَسقط عنه بحال؛ لِما روت أُم سلمة قالت: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَشْتَكِي، فقالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ
(١) أثر عمر أخرجه أبو داود (٢٠٠٤)، وابن عمر عند البخاري (١٧٦١)، وزيد عند البخاري (١٧٥٨)، ومسلم (٣٢٢١). (٢) إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (٢٠٠٤)، وأحمد (١٥٤٤٠) من طريق: أبي عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَارِثِ، بِهِ. (٣) «معالم السُّنن» (٢/ ٢١٦). (٤) قال الطحاوي: … فَثَبَتَ بِذَلِكَ نَسْخُ هَذِهِ الْآثَارِ؛ لِحَدِيثِ الْحَارِثِ. «معاني الآثار» (٢/ ٢٣٥). (٥) قال ابن المنذر: وَقَدْ ثَبَتَ رُجُوعُ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدٍ. «الاستذكار» (٤/ ٣٧١).