الأول: أن إجماع المفسرين على أن المراد بهذا الطواف هو طواف الإفاضة (١).
الثاني: أن الله خاطب كل الحُجَّاج بهذا الطواف، وطواف القدوم لا يجب على أهل مكة والمعتمر، فعُلِم أن المراد بهذا طواف الإفاضة؛ فهو الذي يجب على الجميع.
الثالث: أن سياق الآية يدل على أن المراد بهذا الطواف هو طواف الإفاضة؛ لأنه عطف الطواف على الذبح وقضاء التَّفَث وهو الحَلْق، فقال: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] وهذا لا يكون إلا في يوم النحر الذي يكون الطواف فيه هو طواف الإفاضة.
وأما السُّنة، فاستدلوا بأن النبي ﷺ طاف للقدوم. قالت عائشة:«إنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ»(٢).
واستدلوا بعموم قول النبي ﷺ:«مَنْ أَتَى الْبَيْتَ فَلْيُحَيِّهِ بِالطَّوَافِ»(٣).
ونوقش بأنه لا يصح، ولو صح فقوله ﷺ:(فليُحَيِّه) يدل على الاستحباب.
واستدلوا بأن السعي ركن، ولا يصح إلا بعد طواف القدوم، فكيف يكون مستحبًّا؟!
والراجح: أن طواف القدوم سُنة وتحية للبيت كتحية المسجد. دل على ذلك أنه يَسقط عن المعتمر والقارن وأهل مكة، ولو كان واجبًا ما سقط عن هؤلاء.
أما مَنْ قال بالوجوب مستدلًّا بقوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] فهذه الآية لا تدل على طواف القدوم، بل تدل على طواف الإفاضة إجماعًا.