الثَّاني مِنْ مُوجِباتِ الغُسلِ: ما أشارَ إليه بقولِه: (وَتَغْيِيبُ)، بالرَّفع عطفًا على قولِه:«خروجُ منيٍّ»، أي: ويُوجِب الغُسلَ أيضًا: تَغِييبُ (حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ (١)) أو قَدْرِها إن فُقِدَت (٢)، بلا حائلٍ، (فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ)؛ لحديثِ أَبي هريرةَ مرفوعًا: «إذا جلَس بينَ شُعَبِها (٣) الأربعِ، ثُمَّ جَهَدَها؛ فقد وجَب الغُسلُ» متَّفق عليه، زادَ أحمدُ ومسلمٌ:«وإنْ لم يُنزِلْ»(٤)، وفي حديثِ عائشةَ قالت: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «إذا قعَد بينَ شُعَبِها الأربعِ، ومسَّ الخِتانُ الخِتانَ؛ فقد وجَب الغُسلُ» رَواه مسلمٌ (٥)، والمرادُ مِنْ الْتِقائِهما: تَقابُلُهما وتَحاذِيهما، وذلك لا يَحصل إلّا بالتَّغيِيب، كما ذكَرَه المصنِّفُ (٦).
وما رُوي عن عثمانَ (٧) وغيرِه مِنْ قولِه ﵇: «الماءُ مِنْ الماءِ»(٨)؛ فمَنسوخٌ.
(١) كتب على هامش (ب): قوله: (حشفة أصليَّة) أي: المعتادة، بخلاف ما إذا كانت فاحشة جدًّا؛ بأن يكون غالب ذكره حشفة، فالأظهر اعتبار المعتادة. ا هـ. م س. (٢) كتب على هامش (ب) و (ع): قوله: (إن فقدت) لعلَّ ذلك ليس بقيد؛ لإمكان أن يجعل على الحشفة حائلًا، ثمَّ يدخل ذكره، فيكون بعد الحشفة التي عليها من الذَّكر قدر الحشفة المعتادة. اه. م س. وكتب على هامش (ع): فائدة: إذا احتلم الإنسان ثم جامع وجاء ولده مجنونًا أو مختل العقل، فلا يلومنَّ إلا نفسه، قاله في «الهداية». والله أعلم. (٣) كتب على هامش (س): الشعب، قيل: هي اليدان والرجلان، والأَوْلى حملها على جهات الفرج الأربع، انتهى تقرير المؤلف. (٤) أخرجه أحمد (٧١٩٨)، والبخاري (٢٩١)، ومسلم (٣٤٨). كتب على هامش (ب): تنبيه: لو قطع ذكره ثم أعيد بحرارة الدَّم، فهل يثبت له حكم المتَّصل في وجوب الغسل، ونقض الوضوء بلمسه، وإجزاء الحَجر، وغير ذلك؟ الظَّاهر نعم؛ لإطلاقهم، والله أعلم. ح ق ع. (٥) أخرجه مسلم (٣٤٩). (٦) ينظر: شرح المنتهى ١/ ٨٠. (٧) أخرج البخاري (١٧٩)، ومسلم (٣٤٧). (٨) أخرجه مسلم (٣٤٣)، من حديث أبي سعيد الخدري ﵁، وهو في البخاري (١٨٠) بلفظ: «إذا أعجلت أو قحطت فعليك الوضوء».