والظاهرية (١) - من حيث الجملة - على أن الشخص إذا فعل شيئاً أو تركه - وهو مما أذن فيه الشرع - ثم ترتب على هذا الفعل أو الترك ضرر أو تلف فإنه لا ضمان على الشخص.
وقد استدلوا على ذلك بما يأتي:
١ - قال تعالى:{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}(٢).
وجه الاستدلال: أن من فعل شيئاً يجوز فعله شرعا أو ترك شيئاً يجوز تركه شرعا فهو محسن في ذلك؛ فوجب أن لا يكون عليه سبيل في غرم (٣).
٢ - حكى بعض العلماء الاتفاق على ذلك، ومنهم أبو بكر الكاساني حيث قال: «ولو قطع الإمام يد السارق فمات منه لا ضمان على الإمام ولا على بيت المال، وكذلك الفَصّاد (٤) والبزاغ (٥) والحجّام إذا سرت جراحاتهم لا ضمان عليهم بالإجماع .. ؛ لأن الموت حصل بفعل مأذون فيه وهو القطع؛ فلا يكون مضموناً» (٦).
(١) انظر: المحلى (٦/ ٤٤٢ - ٤٤٤، ٧/ ٨٤ - ٨٦). (٢) سورة التوبة، الآية [٩١]. (٣) انظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٨٣٧)، كتاب الحدود من الحاوي (٢/ ١١٠٧)، زاد المعاد (٤/ ١٤١)، المحلى (٦/ ٤٤٤). (٤) الفصاد: من الفصد، وهو شق الوريد وإخراج شيء من دمه بقصد التداوي. انظر: المصباح المنير (ص ١٨٠)، القاموس المحيط (ص ٣٩١)، معجم لغة الفقهاء (ص ٣٤٦). (٥) البزّاغ: من (بزغ البيطار والحاجم)، بمعنى شرط وأسال الدم. انظر: المصباح المنير (ص ١٩)، القاموس المحيط (ص ١٠٠٦). (٦) بدائع الصنائع (٧/ ٣٠٥).