* أحدها: أنه جاء في لفظ آخر لهذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(بل عارية مؤداة)(١)؛ فهذا يبين أن قوله:(مضمونة) المراد به: المضمونة بالأداء.
* الثاني: أن صفوان بن أمية لم يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تلفها، وإنما سأله: هل تأخذها مني أخذ غصب تحول بيني وبينها؟ فقال: لا بل أخذ عارية أؤديها إليك. ولو كان سأله عن تلفها وقال: أخاف أن تذهب لناسب أن يقول: أنا ضامن لها إن تلفت.
* الثالث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل الضمان صفة للعارية نفسها، ولو كان ضمان تلف لكان الضمان لبدلها، فلما وقع الضمان على ذاتها دلّ على أنه ضمان أداء (٢).
ثالثاً: إن هذا الحديث محمول على اشتراط الرسول - صلى الله عليه وسلم - الضمان على نفسه، والمستعير وإن كان لا يضمن إلا أنه يضمن بالشرط، كالمودع (٣).
رابعاً: إن استعارة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت بغير إذن صفوان؛ لحاجة المسلمين؛ ولهذا قال: أغصبا يا محمد؟ وعند الحاجة يرخص تناول مال الغير بغير إذنه بشرط الضمان، كحال المخمصة (٤).
وأما الوجه الثاني من الاستدلال بهذا الحديث فقد ناقشه ابن القيم بقوله: «فإن قيل: ففي القصة أن بعض الدروع ضاع؛ فعرض عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن
(١) تقدم تخريجه صفحة ٧٣، وقد رواه بهذا اللفظ البيهقي في سننه الكبرى (٦/ ٨٨). (٢) انظر: زاد المعاد (٣/ ٤٨٢). (٣) انظر: المبسوط (١١/ ١٣٦)، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب للمنبجي (٢/ ٥٣٨)، تبيين الحقائق (٥/ ٨٥). (٤) انظر:: المبسوط (١١/ ١٣٦)، تبيين الحقائق (٥/ ٨٥).