للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا استحضرنا كل ما سبق، وعلمنا أنَّ القاضي ناصر الدين ابن المنير المالكي (ت ٦٨٣ هـ) كان شديد الصلة بالبرهان، مع ما تمتع به من إمامة في المنقول والمعقول، لا سيما في اللغة والأصول: أدركنا قيمة نتاج فكره في هذا المجال؛ فإنَّه عني به بالشرح والاختصار والتدريس، فوضع فيه كتابين؛ وهما: «شرح البرهان»، ومختصره المسمى بـ: «الكفيل». فهو خبير بالجويني الأصولي ومعاني كلامه. وهذا مما زاد من قيمة هذا الكتاب. وتظهر أهميته أيضًا في كونه ضمن قائمة الأعمال التي تصب في خدمة كتابٍ يَحتل مكانةً عاليةً في هذا الفنّ، ومما يعين على فتح مغلقات عباراته.

ومن مميزات هذا الكتاب: إمامة ابن المنيّر وتقدمه في علم اللُّغة والأصول، وبراعته في فن الاختصار. فهذا العلق وإن كان في أصله تلخيصاً واختصارًا؛ إلَّا أنه قد نمّ عن عالم متضلّع من العلوم الشرعية، لا سيما في الأصلين واللغة، وتمكنه التام منها؛ فقد أظهر في هذا الكتاب إحكامه لصنعة الاختصار مع دقة فهم لمسائل البرهان؛ فلم يكن كتابه مجرد تلخيص كما قد يتوهم، بل هو إعادة سبك كلام الجويني بتعبيره المحرر والرصين مع الحفاظ على مسائل الكتاب ومراد مصنفه، مما يجعله تهذيبا وشرحا له في نفس الوقت. وقد تم كلُّ ذلك بأوجز نظم، وأقصر عبارة وأدقها.

فمن رام ضبط البرهان وفهم مسائله، فلن يستغني عن هذا الكتاب، وسيأتي إن شاء الله تعالى شيء من التفصيل حول مزايا هذا الكتاب.

<<  <   >  >>