فقد استفاد ابن المنير منه في عدد من المواضع، وأشرنا إلى ذلك في الحواشي دون تتبع لجميعها.
ومن اللافت للنظر في القائمة السابقة أن أكثرهم مالكيون، ويرجع تاج الدين ابن السبكي ذلك إلى أمرين (١):
أحدهما: عدم تقيد الجويني باختيارات أبي الحسن الأشعري، والمالكية يستصعبون مخالفة أبي الحسن، فكأنهم أقبلوا على كتاب الجويني دفاعا عن معتقد أبي الحسن الأشعري وآرائه.
والثاني: نيل الجويني من الإمام مالك في مواضع من «البرهان»، فأتباعه لم يتحملوا منه ذلك، وربما تحاملوا عليه.
وكلا الأمرين عند التأمل يرجع إلى طبيعة شخصية الجويني الفذّة أصوليا ومتكلّما، وطول باعه في العلوم العقلية والنقلية؛ وقد سلك في البرهان مسلك من بلغ الغاية في الاجتهاد والمرتبة العليا في العلوم، فهو يقرر ويرجح ويزيف حسب اجتهاده، وإن أدى ذلك في أحيان كثيرة إلى مخالفة الأئمة الكبار، كمالك والشافعي والأشعري والباقلاني وغيرهم. لكن من الأهمية بمكان أن نذكر هنا أن حضور الجويني في المغرب معروف ومشهور، لا سيما في علم الكلام، فليس محصوراً على البرهان؛ فإنَّ أكثر من عُني بـ:«إرشاد» الجويني، كانوا من المغاربة، كأبي الحجاج الضرير (ت ٥٢٠ هـ)، والمازري (ت ٥٣٦ هـ)، والسلالجي (٥٧٤ هـ)، وابن دِهاق (ت ٦١١ هـ)، وأبي يحيى الإدريسي (كان حيا عام ٦٢٩ هـ)، وابن دوناس الفاسي (ت ٦٣٩ هـ)،