إزالةُ النَّجاسة معللة، فلم يتعين الماء فيها عند الحنفية.
والوضوء تعبدٌ؛ فتعيَّن له الماءُ. وقيل: مُعَلَّل، ومقصوده: النظافة، ولذلك خُص الأعضاء البارزة. والرَّأسُ لمَّا استتر - غالبا - بالعمامة، كفاه المسحُ، وؤيده إيماء: ﴿ليُطَهِّرَكُم﴾ (٢).
واعترض: بأنَّه لا ينعكس؛ إذ لا نظافة في التَّيَمُّم، وما يخلو من ضدها (٣).
وأُجِيبَ: بأنَّ التَّيَمُّمَ تَعَبُّد؛ أو لِعِلَّةٍ أُخرى، وهي (٤) التَّدَرُّبُ على ألا تخلو الصَّلاةُ مِنْ وظيفة عند عدم الماء؛ ذريعة إلى ألا تقع بغير وضوء مع الماء.
واعترض أيضا: بأنه لا يطرد؛ فإنَّ المتوضّئ المتطلّي بالأوساخ لا يتوضَّأُ.
وأُجِيبَ: بأنها نادرة، وفي النفس عنها وازعٌ؛ فأغنى، بخلافِ الغَبَرَاتِ (٥)
(١) انظر: البرهان (٢/ ٥٩٤ - ٥٩٩)، المنخول (ص ٣٨٨)، التحقيق والبيان (٣/ ٤٨١)، كشف الأسرار (٣/ ٣٤٣)، تيسير التحرير (٣/ ٣٠٠). (٢) المائدة: ٦. فأومأت النصوص إلى أنَّ إيجاب الوضوء من النظافة. الأبياري. (٣) فهو تغبير الوجه. (٤) «أ»: (وهو). (٥) الغَبَرَاتُ، جمعُ: الغَبْرَة، وهي لطخ الغبار. وأما الغُبَرَاتُ: فهي البقايا، جمع: غُبر، كراكع وركع. وجمع غبر: غابر. ينظر: تهذيب اللغة (٨/ ١٢٣)، غريب الحديث لأبي عبيد (٤/ ١٦٢)، اللسان (٣/٥). ومعنى العبارة: أنَّ في النفس وازعا عن الأوساخ الظاهرة، وأما الغبرات الخفية، فليس في النفوس عنها وازع، بل يتسامح فيها أهل المروءات؛ ولذا فقد أمر الشارع بغسلها، ولم يكل ذلك إلى الطبع.