أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ كَأَنَّهُ قَالَ: مُشْبِهِينَ أَبَا بَرَاقِشَ أَوْ خَبَرًا كَأَنَّهُ قَالَ: هُمْ كَأَبِي بَرَاقِشِ.
وقوله: "كُلَّ لَوْنٍ" (١) مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَفِيهِ مَجَازٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ كُلَّ: لَيْسَ مِنَ الْمَصْدَرِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا تَصِيرُ مَصْدَرًا إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى مَصْدَرٍ كَقَوْلِكَ: ضَرَبْتُهُ كُلَّ ضَرْبٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ وَضَعَ اللَّوْنَ وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعِ اللَّوْنِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَجْرَى يَتَخَيَّلُ مُجْرَى يَتَلَوَّنُ لِأَنَّهُ إِذَا تَخَيَّلَ فَقَدْ تَلَوَّنَ فَكَانَّهُ قَالَ: يَتَلَوَّنُ لَوْنُهُ كُلَّ تَلَوُّنٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَ اللَّوْنَ مَوْضِعَ التَّلْوُنِ، وَوَضَعَ التَّلَوُّنَ مَوْضِعَ التَّخَيُّلَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَوْنُهُ يَتَخَيَّلُ كُلَّ تَخَيَّلٍ، وَنَظِيرُ هَذَا فِي حَمْلِكَ الْمَصْدَرَ عَلَى الْفِعْلِ مَرَّةً وَالْفِعْلَ عَلَى الْمَصْدَرِ مَرَّةً قَوْلُهُمْ: تَبَسَّمَتْ وَمِيضَ الْبَرْقِ، لَكَ أَنْ تُقَدِّرَهُ: وَمَضَتْ وَمِيضَ الْبَرْقِ، وَلَكَ أَنْ تُقَدِّرَهُ: تَبَسَّمَتْ تَبَسُّمَ، وَمِثْلُهُ: قَعَدَ زَيْدٌ جُلُوسًا" (٢).
وَيُرْوَى: كُلَّ لَوْنٍ لَوْنُهُ يَتَحَوَّلُ: هَجَا قَوْمًا بِأَنَّهُمْ لَا يَثْبُتُونَ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ كَهَذَا الطَّائِرِ الَّذِي يَتَلَوَّنُ بِأَلْوَانٍ شَتَّى، وَلِذَلِكَ كَنَّى بِأَبِي بَرَاقِشَ مِنْ: تَبَرْقَشَ الرَّوْضُ إِذَا ظَهَرَتْ فِيهِ أَنْوَاعُ الزَّهْرِ، وَتَبَرْقَشَ الرَّجُلُ: إِذَا تَزَيَّنَ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْبَرْقَشَةُ: التَّفَرُّقُ. وَتَرَكْتُ الْبِلَادَ بَرَاقِشَ: أَيْ مُمْتَلِئَةَ زَهَرًا مُخْتَلِفًا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ (٣).
ع: الشِّقِرَّاقُ: مَعًا.
س: الشِّقِرَّاقُ بِالْكَسْرِ هُوَ الصَّوَابُ وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي كِتَابِ ابْنِ قُتَيْبَةَ (٤).
(١) أدب الكتاب: ١٩١.(٢) الاقتضاب: ٣/ ١٦١.(٣) ل (برقش).(٤) أدب الكتاب: ١٩١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute