[باب الحروف التي تأتي للمعاني]
ط: "هَذَا بَابٌ طَرِيفُ التَّرْجَمَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ "عَسَى" وَهِيَ فِعْلٌ، وَذَكَرَ "كِلَا وَكِلْتَا" وَهُمَا اسْمَانِ، وَذَكَرَ "مَتَى وَأَنَّى" وَهُمَا ظَرْفَانِ وَالظُّرُوفُ نَوْعٌ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى غَيْرِهَا، وَوَجْهُ الْعُذْرِ لَهُ أَنْ يُقَالُ: إِنَّمَا اسْتَجَازَ ذِكْرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ الْحُرُوفِ لِمُضَارَعَتِهَا لَهَا بِالْبِنَاءِ وَعَدَمِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ "كِلَا" وَ "كِلْتَا" مُشَبَّهَانِ فِي انْقِلَابِ أَلِفَيْهِمَا إِلَى الْيَاءِ مِع الْمُضْمَرِ بِإِلَى، وَ "عَلَى" وَ "لَدَى"، فَلَمَّا ضَارَعَتْ حُرُوفَ الْمَعَانِي ذَكَرَهَا مَعَهَا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ وَجَدْنَا سِيبَوَيْهِ سَمَّى الْأَفْعَالَ الْمُتَصَرِّفَةَ وَالْأَسْمَاءَ الْمُتَمَكِّنَةَ حُرُوفًا فِي "كِتَابِهِ" فَقَالَ حِينَ تَكَلَّمَ عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ الْمَاضِي: وَإِنَّمَا لَمْ يُسَكِّنُوا آخِرَ الْحَرْفِ لِأَنَّ فِيهَا بَعْضَ مَا فِي الْمُضَارَعَةِ تَقُولُ: "هَذَا رَجُلٌ ضَرَبَنَا"، فَتَصِفُ بِهَا النَّكِرَةَ وَتَقُولُ: إِنْ فَعَلْتَ كَذَا فَعَلْتُ كَذَا فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ: إِنْ تَفْعَلْ أَفْعَلْ" (١).
وَقَالَ فِي بَابِ مَا جَرَى مَجْرَى الْفَاعِلِ الَّذِي يَتَعَدَّاهُ فِعْلُهُ إِلَى مَفْعُولَيْنِ فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْمَعْنَى:
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى جَدُّهُ: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ﴾ (٢) فَإِنَّمَا جَازَ لِأَنَّهُ بِمَا مَعْنَى سِوَى مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ إِلَّا التَّوْكِيدُ، فَمِنْ ثَمَّ جَازَ ذَلِكَ إِذْ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَكَانَا حَرْفَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ عَامِلٌ، وَلَوْ كَانَ اسْمًا أَوْ ظَرْفًا أَوْ فِعْلًا لَمْ يَجُزْ، يُرِيدُ لَا لِحَرْفَيْنِ الْبَاءَ وَالْخَفْضَ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تُسَمَّى الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الْكَلَامُ حُرُوفًا وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُحِيطَةً بِالْكَلَامِ صَارَتْ كَحُدُودِ الشَّيْءِ الْحَاصِرَةِ لَهُ الْمُحِيطَةِ بِهِ. وَالشَّيْءُ إِنَّمَا
(١) الكتاب: ٣/ ٤١٢.(٢) سورة النساء (٤): الآية ١٥٥؛ سورة المائدة (٥): الآية ١٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute