فَطَلَّقَهَا رَوْحٌ فَقَالَ لَهَا دَاعِيًا عَلَيْهَا: سَاقَ اللَّهَ إِلَيْكَ يَا هِنْدَ فَتًى يَسْكَرُ وَيَفِيءُ فِي حَجْرِكِ، فَتَزَوَّجَهَا الْفَيْضُ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَ شَابًّا مُولَعًا بِالشَّرَابِ، فَسَكِرَ وَفَاءَ فِي حِجْرِهَا فَقَالَتْ: أُجِيبَتْ فِيَّ دَعْوَةُ رَوْحٍ، وَقَالَتْ تَهْجُو الْفَيْض: (بسيط)
سُمِّيتَ فَيْضًا وَمَا شَيْءٌ تَفِيضُ بِهِ … إِلَّا بِسِلْحِكَ بَيْنَ الْبَابِ وَالدَّارِ
فَتِلْكَ دَعْوَةُ رَوْحِ الْخَيْرِ أَعْرِفُهَا … سَقَى الْإِلَهُ صَدَاهُ الْأَوْطَفَ السَّارِي (١)
ع: أَبُو بَكْرٍ: رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ: فَمَا أَنْجَبَ الْفَحْلُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُتَحَيَّلٌ فِيهَا مِنْ أَجْلِ الْإِقْوَاءِ، وَيُرْوَى تَحَلَّلَها بِالْحَاءِ: أَي اتَّخَذَهَا حَلِيلَةً.
ط: "قَوْلُهَا: وَهَلْ هِنْدٌ الْبَيْت، هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَتْهُ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَنْصَارِيةً وَكَانَ رَوْحُ جُذَامِيًّا" (٢). وَتَجَلَّلَهَا: عَلَاهَا، وَاسْتَعَارَتِ الْبَغْلَ لِأَنَّهَا فَرَّتْ مِنْ ذِكْرِ الْحِمَارِ اسْتِقْصَارًا لَهُ عَلَى التَّجَوُّزِ.
وَقَوْلُهَا: فَبِالْحَرَى يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ حَرِيٌّ بِكَذَا؛ أَي حَقِيقٌ بِهِ؛ أَي فَبِالْحَقِيقَةِ أَنْ يَكُونَ مُهْرُهَا كَرِيمًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ فَبِالْجُهْدِ وَالْمَشَقَّةَ أَيْ لَا يَتَخَلَّصُ لَهَا وَلَدٌ كَرِيمٌ إِلَّا بَعْدَ جَهْدٍ لِخَسَاسَةِ الْأَبِ الْغَالِبَةِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْأَعْشَى: (متقارب)
إِنَّ مَنْ عَضَّتِ الْكِلَابُ عَصَاهُ … ثُمَّ أَثْرَى فَبِالْحَرَى أَنْ يَجُودَا (٣)
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهَا: فَبِالْحَرَى مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ لِأَنَّهَا نَابَتْ مَنَابَ خَبَرِ مُبْتَدَإٍ
= المقتضب: ٣٠/ ٣٦٤؛ السمط: ١/ ١٨٠. وجذام: بنو عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد كهلان، من القحطانية، نهاية الأرب: ٢٠٥.
(١) الأغاني: ٩/ ٢٢.
(٢) الاقتضاب: ٣/ ٥٠.
(٣) لم نجد البيت في ديوان الأعشى وبدون نسبة في: بهجة المجالس: ١/ ١٣٧؛ الأشباه والنظائر: ١/ ٦٤.