فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنْ "أَطْرِقَا": مَوْضِعٌ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مَرُّوا بِهِ خَائِفِينَ، فَتَكَلَّمَ أَحَدُهُمْ مَعَ صَاحِبِهِ، فَقَالَ الثَّالِثُ: أَطْرِقَا، فَغَلَبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ. و "السُّهُوبُ": المَوَاضِعُ السَّهْلَةُ. وَ"تَئُوبُ": تَرْجِعُ. وَ "اللَّبَنُ": الصَّرْبُ الحَامِضُ. و "اللَّحْمُ المَعَرَّصُ"، بِالعَيْنِ وَالصَّادِ غَيْرَ مُعْجَمَتَيْنِ: المُرَمَّدُ الَّذِي لَمْ يُبَالَغْ فِي إِنْضَاجِهِ، وَكَانُوا يَسْتَحْسِنُونَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: (طويل)
إِذَا نَحْنُ قُمْنَا عَنْ شِوَاءٍ مُضَهَّبٍ (١)
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: "مُغَرَّضٌ" بِالغَيْنِ وَالضَّادِ مُعْجَمَتَيْنِ: أَيْ طَرِيٌ، وَرُوِيَ أَيْضًا: "مُعَرَّضٌ" بِعَيْنٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ. وَمَعْنَاهُ: مُمْكِنٌ لَا يُمْنَعُ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ السُّلَيْكُ بِهَذَا تَسْلِيَتَهُ مِمَّا كَانَ بِهِ مِنَ الحُزْنِ وَالخَوْفِ، فَقَالَ لَهُ: سَنُغِيرُ عَلَى مُرَادٍ وَنَغْنَمُ، فَتَأْكُلُ اللَّحْمَ مَكَانَ شُرْبِكَ اللَّبَنَ الحَامِضَ فِي حَيِّكَ، لَوْ صَحِبْتَهُمْ وَفَارَقْتَنِي فَلَا تَأْسَفْ لِفِرَاقِهِمْ. وَأَرَادَ بِـ "مَاءِ القُدُورِ": المَرَقُ. وَ "مَشِيبٌ": مَخْلُوطُ بِمَا يُصْلِحُهُ مِنْ تَابَلٍ وَغَيْرِهِ. يَقُولُ: سَتَأْكُلُ اللَّحْمَ مَشْوِيًا تَارَةً، وَمَطْبُوخًا تَارَةً" (٢).
وَقَوْلُهُ: وَيَأْوِي إِلَى زُغْبٍ (٣). (البيت)
كَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ قُتيبةَ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرَيْنِ وَوَجَدْتُ فِي شِعْرِ حُمَيْدٍ بن ثَوْرٍ الهِلَالِي فِي صِفَةِ القَطَاةِ: (طويل)
فَجَاءَتْ وَمَا جَاءَ القَطَا ثُمَّ شَمَّرَتْ … لِمَسْكَنِهَا وَالوَارِدَاتُ تَنُوبُ (٤)
وَجَاءَتْ وَمَسْقَاهَا الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ … إِلَى النَّحْرِ مَشْدُودُ العِصَامِ كَتِيبُ
نُغِيثُ بهِ زُغْبًا مَسَاكِينَ دُونَهَا … مَلًا لَا تَخَطَّاهُ العُيونُ رَغِيبُ
(١) صدره كما في الديوان: ٥٤ (تمشي بأعراف الجباد أكفا).(٢) الاقتضاب: ٣/ ٤٢٩ - ٤٣١.(٣) أنشده ابن قتيبة في أدب الكتّاب: ٦٠٥. وتمامه: ( … مساكين دونهم … فلا لا تخطاه الرفاق مهوب)؛ ديوان حميد بن ثور: ٥٤ برواية: (دونها - فلا - العيون)؛ شرح الجواليقي: ٢٩٩؛ شرح المفصل: ١٠/ ٧٩.(٤) ديوانه: ٥٤؛ كتاب التنبيه والإيضاح: ١/ ١٥٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute