وَالقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ البَاءَ هَا هُنَا هِيَ البَاءُ الَّتِي تُعَاقِبُ وَاوَ الحَالِ، فِي نَحْوِ مَا حَكَيْنَاهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَقَدْ قَطَعَ الحَبْلَ بِالمِرْوَدِ (١)
أَيْ: وَالمِرْوَدُ فِيهِ. فَيَكُونُ المَعْنَى: تُنبِتُ نَبَاتَهَا وَالدُّهْنُ فِيهِ.
وَالقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ عَلَى حَدِّهَا فِي قِرَاءَةِ مَنْ فَتَحَ التَّاءَ، لأَنَّهُ قَدْ حُكِي: نَبَتَ البَقْلُ وَأَنْبَتَ بِمَعْنًى وَاحِدِه (٢).
وَأَمَّا تَأْوِيلُهُ: ﴿اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ (٣) عَلَى زِيَادَةِ البَاءِ فَقَوْلُ غَيْرُ مُخْتَارٍ. وَفِيهِ ثلاثة أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: مَا ذَكَرَهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ البَاءُ غَيْرَ زَائِدَةٍ، وَلَكِنَّهَا عَلَى بَابِهَا فِي الإِلْصَاقِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: أَلْصِقُ قِرَاءَتَكَ بِاسْمِ رَبِّكَ، فَالمَقْرُوءُ فِي هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ هُوَ الاسْمُ.
وَالقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ البَاءُ بِمَعْنَى الاسْتِعَانَةِ وَالمَقْرُوءُ غَيْرُ الاسم؛ كَأَنَّهُ قَالَ: اقْرَأْ كُلَّ مَا تَقْرَؤُهُ بِاسْمِ رَبِّكَ، أَيْ: قَدِّمِ التَّسْمِيَّةَ قَبْلَ قِرَاءَتِكَ. وَهَذَا خَيْرُ الأَقْوَالِ. لأَنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةَ قَبْلَ كُلِّ مَا يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ؛ فَهُوَ إِذَنْ مِنْ بَابِ "بَرَيْتُ بِالسِّكِّينِ القَلَمَ" فِي أَنَّ الفِعْلَ يَصِلُ إِلَى أَحَدِ المَفْعُولَيْنِ بِتَوَسط الاسْمِ الآخَرِ (٤).
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ (٥). فَفِيهِ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
= تولى بيت مال الكوفة زمن عثمان له ترجمته في: المحبر: ١٦١؛ الصفوة: ١/ ٣٩٥ الحلية: ١/ ١٢٤ الإصابة: ٤٩٤٥.(١) سبق تخريجه.(٢) الاقتضاب: ٢/ ٢٩٩.(٣) سورة العلق: الآية ١؛ أدب الكتّاب: ٥٢٠ - ٥٢١.(٤) الاقتضاب: ٢/ ٣٩٩.(٥) سورة الإنسان الآية ٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute