حَبَسَهُ، واخْتَصَّهَا بِهِ حَتَّى قَويَتْ وَسَمِنَتْ. وَكَانَ الأَصْمَعِيُّ يَعِيبُ هَذَا الْبَيْتُ وَيَقُولُ: أَحْسِبُهُ كَانَ سَمَّنَهَا لِلذَّبْحِ. وَإِنَّمَا تُوصَفُ الفَرَسُ بِشِدَّةِ اللَّحْمِ، وَالْجَيِّدُ قَوْلُ امْرِيء الْقَيْسِ: (طويل)
بعِجْلزَةٍ قَدْ أَتْرَزَ الجَرْئُ لَحْمَهَا … كُمَيْتٍ كَأَنَّهَا هِرَاوَةُ مِنْوَالِ (١)
وَقَالَ غَيْرُ الأَصْمَعِيِّ (٢): لَمْ يُرِدْ أَنَّ لَحْمَهَا رِخْوٌ تَغِيبُ فِيهِ الإِصْبَعُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ: لَوْ كَانَتِ الإِصْبَعُ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تَثُوخَ فِيهَا لَثَاخَتَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ كَثْرَةَ لَحْمِ أَعْلَاهَا، وَ"سَمَاوَةُ" الفَرَسِ تُوصَفُ بِالامْتِلاءِ، وَيُسْتَحَبُّ قِلَّةُ اللَّحْمِ فِي قَوَائِمِهِ كَمَا قَالَ: (طويل)
وَأَحْمَرَ كَالدِّيبَاجِ أَمَّا سَمَاؤُهُ … فَرَيًّا وَأَمَّا أَرْضُهُ فَمُحُولُ (٣)
وَيُرْوَى: "فَشَرْجُ لَحْمُهَا" بِالرَّفْعِ، أَيْ صَارَ شَرِيجَيْنِ، أَيْ: خِلْطَيْنِ مِنْ لَحْمٍ وَشَحْمٍ.
وَيُرْوَى: "فَشَرَّجَ لَحْمُهَا" بِالنَّصْبِ، أَيْ: إِنَّ الصَّبُوحَ فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا. وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: "فَصَرَ" يَعُودُ إِلَى "شُجَاعٍ" ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتُ فَقَالَ: (كامل)
وَالدَّهْرُ لَا يَبْقَى عَلَى حَدَثَانِهِ … مُسْتَشْعِرٌ حَلَقَ الحَدِيدِ مُقَنَّعُ (٤)
تَعْدُو بِهِ خَوْصَاءُ يُفْصِمُ جَرْبُهَا … حَلَقَ الرِّحَالَةِ فَهْيَ رِخْوِّ تَمْزَعُ" (٥)
د: وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: رَجُلٌ وَجِلٌ وَوَجِرٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: "قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ" (٦).
(١) ديوانه: ٣٧؛ ديوان الهذليين: ٣٧؛ شرح ديوان: الهذليين: ١/ ٣٤؛ العين: ٨/ ٣٣٢؛ المعاني الكبير: ١/ ٤٩.(٢) منهم أبو عبيدة في شرح الجواليقي: ٢٤٠؛ شرح ديوان الهذليين: ١/ ٣٤.(٣) البيت لطفيل الغنوي في ديوانه: ٦٥؛ وبدون عزو في الاقتضاب: ٣/ ١٩٩؛ السمط: ٨٨١؛ شروح سقط الزند: ١/ ٢٥١؛ المقاييس: ١/ ٨٠.(٤) ديوان الهذليين: ١/ ١٥؛ كتاب التنبيه والإيضاح: ١/ ٢١٠؛ الاقتضاب: ٣/ ٢٩٧.(٥) الاقتضاب: ٣/ ٢٩٦ - ٢٩٧.(٦) معاني القرآن: ٢/ ٢٣٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute