يَحِينُ، فَهُوَ مِنْ مَعْنَى الأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَ مَاضِيهِ مَفْتُوحَ الْعَيْنِ لَكَانَ مُضَارِعُهُ: يَؤُونُ كَقَالَ يَقُولُ، لأنَّ ذَوَاتِ الوَاوِ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَا يَجِيءُ مُضَارِعُهَا عَلَى "يَفْعِلُ" مَكْسُورَ الْعَيْنِ.
وَقَدْ حَكَى أَبُو زَيْدٍ أَنَّهُ يُقَالُ: آنَ الشَّيْءُ يَئِينُ أَيْضًا (١).
فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ كَبَاعَ يَبِيعُ بَيْعًا، وَيُقَوِّي هَذَا أَنَّهُمْ قَلَبُوهُ فَقَالُوا: أَنَى يَأْنِي مِثْلُ: رَمَى يَرْمِي. وَهَذَا كُلُّهُ تَقَوِيَةٌ لِقَوْلِ مَنْ يَجْعَلَ "آنَ" مِنْ ذَوَاتِ اليَاءِ، وَهَذِهِ لَفْظَةٌ مِنْ أَلْفَاظِ التَّصْرِيفِ الْمُشْكِلَةِ.
فَأَمَّا طَاحَ الشَّيْءُ، يَطِيحُ [فَمَنَعْنَا] (٢) أَنْ نَجْعَلَهُ كَآنَ يَئِينُ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ قَالُوا: تَطَوَّحَ يَتَطَوَّحُ، [أَنَّا] (٣) وَجَدْنَاهُمْ قَدْ قَالُوا: طَوَّحْتُهُ وَطَيَّحَتُهُ، فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْبَابَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الشُّذُوذِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلَعَلَّ طَيَّحْتُهُ إِنَّمَا وَزْنُهُ "فَيْعَلْتُهُ" بِمَنْزِلَةِ: بَيْطَرْتُ، وَأَصْلُهُ: طَيْوَحْتَ، فَقُلِبَتْ وَاوُهُ يَاءً لِوُقُوعِ يَاءٍ "فَيْعَلْتُ" السَّاكِنَةُ قَبْلَهَا كَمَا قَالُوا: سَيِّدٌ وَمَيِّتٌ.
فَالْجَوَابُ فِيهِ: أَنَّ مَجِيءَ مَصْدَرِهِ عَلَى التَّطْبِيحَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ: "فَعَلْتُ" لَا "فَيْعَلْتُ"، لأَنَّ مَصْدَرَ "فَيْعَلَ" إِنَّمَا يَجِيءُ عَلَى "فَيْعَلَةٌ"، كَبَيْطَرَ بَيْطَرَةً.
وَأَمَّا التَّفْعِيلُ، فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِمَصْدَرِ "فَعَلَ" الْمُشَدَّدِ الْعَينِ.
وَقَدْ يَجُوزُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولُ: إِذَا كَانَ قَوْلُهُمْ: طَيَّحَ يُوجِبُ عِنْدَكَ أَنْ يَكُونَ: طَاحَ يَطِيحُ كَانَ يَئِينُ لأَنَّا وَجَدْنَا مَنْ قَالَ: طَوَّحَ، وَمَنْ قَالَ: طَيَّحَ، فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ قَالُوا: طَاحَ، يَطِيحُ وَلَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِنْهُمْ: طَاحَ يَطُوحُ.
(١) الصحاح (أين).(٢) في الأصل: "فَمَنَعْنَاهُ".(٣) في نسخة من الاقتضاب: ٢/ ٢٥١ "لأنا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute