وقوله:{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ}(تدعوا) يجوز أن يكون مجزومًا داخلًا في حكم النهي، أي: لا تهنوا ولا تدعوا، وأن يكون منصوبًا بعد الواو بإضمار (أن) كقوله:
والجمهور على إسكان الدال من الدعاء، وقرئ:(وَتَدَّعوا) بتشديدها (٢)، من ادّعى القوم وتداعوا، إذا دَعَوا (٣)، والمعنى: فلا تضعفوا عن قتال العدو، ولا تنسبوا إلى الصلح وتحملوا أنفسكم عليه.
وقوله:{وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} يجوز أن تكون الواو واو الحال، وأن تكون للاستئناف، ولعطف الجملة على الجملة.
وقوله:{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} فيه وجهان، أحدهما: من وَتَرَهُ حقه يَتِرُه وَتْرًا، إذا نقصه. والثاني: من وَتَرْتُ فلانًا أَتِرُه وَتْرًا وتِرَةً، إذا أخذتَ له مالًا غَصبًا، أو قتلتَ له قتيلًا: من ولد، أو أخ، أو حميم. وقيل: حقيقته: أفردته من ماله أو قريبه، من الوِتْر وهو الفرد، فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر (٤). والمعنى: ولن يفردكم بغير ثواب، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهلَه ومالَه"(٥). أي: أُفْرِدَ عنهما قتلًا ونهبًا.
(١) تقدم هذا الشاهد برقم (٦٨) وخرجته هناك. (٢) قرأها أبو عبد الرحمن السلمي كما في مختصر الشواذ / ١٤١/. والمحتسب ٢/ ٢٧٣. والمحرر الوجيز ١٥/ ٧٩. (٣) في (ب) و (ط): ادعوا. (٤) قاله الزمخشري ٣/ ٤٦٠. (٥) متفق عليه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، انظر صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب اثم من فاتته صلاة العصر (٥٥٢). ومسلم في المساجد، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر (٦٢٦). وروي بنصب اللامين ورفعهما والنصب أشهر.