قوله عز وجل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)} قد ذكرتُ في أول البقرة اختلاف الناس في {النَّاسِ}(١)، وأن أصله عند صاحب الكتاب رحمه الله:(أناس)(٢)، بشهادة قوله سبحانه:{إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}(٣) فحذفت منه الهمزة التي هي فاؤه فبقى ناس، وهو من قولهم: آنست الشيء، أي: أبصرته، وكان القياس يقتضي أن يقع على كل مبصر، لكنهم قصروه على البشر من جهة عُرْفهم.
وعند غيره: لم يحذف منه شيء، وأصله نَوَسٌ، لقولهم في تصغيره: نُوَيْسٌ (٤)، وهو من النَّوْس وهو الحركة، وكان القياس أن يقع على كل متحرك غير أنهم قصروه على البشر عُرفًا.
(١) انظر إعرابه للآية (٨) منها. (٢) كتاب سيبويه ٢/ ١٩٦. وانظر تخريجًا أوسع عند إعراب آية البقرة. (٣) سورة الأعراف، الآية: ٨٢. (٤) هذا قول الفراء، والكسائي، وابن كيسان. انظر مشكل مكي ٢/ ٥١٢. والبيان ٢/ ٥٥٠.