قوله عز وجل: {حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢)} قد ذَكَرْتُ في أول "الزخرف" أن الواو في {وَالْكِتَابِ} واو القسم على قول من جعل {حم (١)} تعديدًا للحروف، أو اسمًا للسورة، وواو العطف على قول من جعل {حم (١)} مُقْسَمًا بها (١)، وقوله:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} جواب القسم.
وقوله:{إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} هو جواب آخر من غير عاطف، كقولك: والله إنَّ زيدًا منطلقٌ إنَّ عَمْرًا خارجٌ. وقيل:{إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} هو جواب القسم دون قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، لأنك لا تقسم بالشيء على نفسه، لأن القسم تأكيد خبر لخبر آخر، وقوله:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} اعتراض بين القسم وجوابه (٢).
وقوله:{أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} نصبه يحتمل أوجهًا:
أن يكون مصدرًا في موضع الحال، إما من ضمير الفاعل في {أَنْزَلْنَاهُ}، أي: أنزلناه آمرين به، وإما من ضمير المفعول، أي: أنزلناه في
(١) انظر الكشاف ٣/ ٤٢٨. (٢) انظر هذا الوجه في المحرر الوجيز ١٤/ ٢٨٣.