قد مضى الكلام على قوله:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ} في سورة البقرة عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا} بأشبع ما يكون، فأغنى ذلك عن الإِعادة هنا (١).
قوله عزَّ وجلَّ:{مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}(من) لابتداء الغاية متعلقة بقوله: {خَلَقَكُمْ}، أي: فَرَّعَكُمْ من أصل واحد، وهو نفس آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - أبيكم.
وإنما قيل:{مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} فأنث حملًا على اللفظ، لأنَّ لفظ النفس مؤنث، ولو قيل: من نفس واحد على التذكير، لجاز حملًا على المعنى (٢).
وقوله:{وَخَلَقَ مِنْهَا} عطف على {خَلَقَكُمْ}، يعني من تلك النفس الواحدة. و (من) في {مِنْهَا} للتبعيض؛ لأنَّها خلقت من ضلع من أضلاعه على ما فسر (٣)، ولك أن تجعلها لابتداء الغاية.
(١) انظر إعراب الآية (٢١) من البقرة. (٢) كذا جوزه الزجاج ٢/ ٥، والنحاس ١/ ٣٨٩، وجعله ابن عطية ٤/ ٦ قراءة نسبها إلى ابن أبي عبلة. (٣) هذا قول أكثر المفسرين. انظر الطبري ٤/ ٢٢٤ - ٢٢٥، والماوردي ١/ ٤٤٦، وابن عطية ٤/ ٧.