قوله عز وجل:{وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}(جعل) هنا متعد إلى مفعول واحد وهو {الظُّلُمَاتِ}؛ لأنه بمعنى الخلق والإِنشاء، وقد يتعدى إلى مفعولين إذا كان بمعنى التصيير أو التسمية، وقد مضى الكلام على معنى الجعل وأقسامه في البقرة عند قوله تعالى:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا}، فأغنى ذلك عن الإِعادة هنا (١).
وقوله:{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}(الذين) رفع بالابتداء، وخبره {يَعْدِلُونَ}، وعَدَل هنا يحتمل أن يكون متعديًا والمفعول محذوف، بمعنى: يعدلون به غيرَه مما لا يقدر على خلق شيء ولا إنشائه، أي: يسوونه به، يقال: عَدَلت فلانًا بفلان عدولًا، إذا سويتَ بينهما. وأن يكون لازمًا، بمعنى: مائلون عنه إلى غيره، من قولهم: عدل عن الطريق، إذا مال عنها، وفي التنزيل:{عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}(٢). فالباء في قوله:{بِرَبِّهِمْ} على هذا بمعنى (عن)، وهو في كلا الوجهين متعلق بـ {يَعْدِلُونَ}، ولك أن تعلقه بـ {كَفَرُوا} على الوجه الثاني، بمعنى: الذين كفروا بوحدانية ربهم مائلون عن الحق.
(١) انظر إعراب الآية (٢٢) من البقرة. (٢) سورة المؤمنون، الآية: ٧٤.