وهذه الأوجه ما عدا الوجه الأول تدل على إثبات الإنذار، يعضده:{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ}(١).
وقوله:{فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ} ابتداء وخبر، والضمير في {فَهِيَ} للأغلال، أي: واصلة إلى الأذقان، والأذقان: جمع ذقن وهو مجمع اللحيين. وقيل: الضمير لِلأَيمان، يعضده قراءة من قرأ:(في أيمانهم أغلالًا) وهو ابن مسعود -رضي الله عنه- (٢). وقيل: للأيدي، تنصره قراءة من قرأ:(في أيديهم أغلالًا)(٣). قال أبو إسحاق: من قرأ: (في أيمانهم) المعنى واحد، لأن الغُلّ لا يكون في العنق دون اليد، ولا في اليد دون العنق، انتهى كلامه (٤).
وقوله:{فَهُمْ مُقْمَحُونَ} المقمح في اللغة: الرافع رأسَه الغاضُّ بَصَرَه، يقال: أَقْمحه الغل، إذا ترك رأسه مرفوعًا من ضيقه، وسئل علي رضي الله تعالى عنه عن الإِقماح، فجعل يديه تحت لحييه وألصقهما ورفع رأسه (٥).
(١) المؤمنون، الآية: ٦٨. (٢) انظر قراءته -وهي قراءة ابن عباس -رضي الله عنهما- في معاني الفراء ٢/ ٣٣٣. وجامع البيان ٢٢/ ١٥٠ ومعاني الزجاج ٤/ ٢٧٩. ومعاني النحاس ٥/ ٤٧٧. وإعرابه ٢/ ٧١٠. والنكت والعيون ٥/ ٧. (٣) كذا أيضًا ذكرها الزجاج، والنحاس في الإعراب عنه، وابن عطية في المحرر ١٣/ ١٨٩ دون نسبة، وقال الزجاج: القراءتان على التفسير، ولا يجوز أن يُقرأ بواحدة منهما لأنهما بخلاف المصحف. (٤) معانيه ٤/ ٢٧٩. (٥) انظر هذه الرواية في إعراب النحاس ٢/ ٧١٠. وهذا التعريف اللغوي للفراء ٢/ ٣٧٣.