قوله عز وجل:{فَأَغْشَيْنَاهُمْ} أي: فأغشينا أبصارهم، أي: غطيناها وجعلنا عليها غشاوة، أي غطاء، فحذف المضاف. وقرئ: بالعين غير معجمة (١)، من العَشَا في العين، منقول بالهمزة من عَشِيَ يَعْشَى عَشًا، فهو أَعْشَى، وأَعْشَاهُ الله، كعَمِيَ وأعماه الله، وهما يَعْشَيَان، ولم يقولوا: يَعْشَوَانِ، لأن الواو لَمَّا صارت في الواحد ياء لكسرة ما قبلها، تركت في التثنية على حالها (٢). والمعنى: أضعفنا أبصارهم عن إدراك الهدى كما أُضعفت عين الأعشى. والقراءتان متقاربتان؛ لأنهما ترجعان إلى تغطية البصر، إما بصر العين، أو بصر القلب على ما فسر، فاعرفه.
وقوله:{وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} في موضع الحال إما من المنوي في {وَخَشِيَ}، أو من {الرَّحْمَنَ} جل ذكره، وقد ذكر نظيره في غير موضع (٣).
وقوله:{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ} الجمهور على نصب (كُلَّ) على إضمار فعل يفسره الظاهر، وقرئ: بالرفع (٤) على الابتداء، والكلام فيه كالكلام في {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ} في "سبحان"، وقد ذكر ثمَّ وأُوضح (٥).
(١) نسبت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وابن عباس -رضي الله عنهما-، وعمر بن عبد العزيز، والحسن وآخرين. انظر جامع البيان ٢٢/ ١٥٢. ومعاني النحاس ٥/ ٤٨٠ وإعرابه ٢/ ٧١١. ومختصر الشواذ/ ١٢٤/. والمحتسب ٢/ ٢٠٤. والمحرر الوجيز ١٣/ ١٩٠. وزاد المسير ٧/ ٨. (٢) من الصحاح (عشا). (٣) انظر إعرابه للآية (٤٩) من سورة الأنبياء. و (٥٢) من سورة يوسف. (٤) قرأها أبو السمال كما في مختصر الشواذ/ ١٢٤/. وابن السميفع، وابن أبي عبلة كما في زاد المسير ٧/ ٩. (٥) انظر إعرابه للآية (١٣) من سورة الإسراء.