شيئًا، ثم حذف لدلالة الثاني عليه، والمعنى: لا يقضي عنه شيئًا، وقيل: لا يغني (١).
وقوله:{وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} الجمهور على فتح غين الغَرور وهو الشيطان، وقيل: الأمل (٢). وقرئ بضمها (٣)، وهو مصدر غره، وهو بمعنى الاغترار، أي: لا يغرنكم بالله اغتراركم وتمادي السلامة بكم.
قوله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} قال بعض النحاة (٤): هذه الآية تدل على أن الظرف يشبه الفعل، لأنه قال:{عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} فأتى بالظرف وما ارتفع به، ثم قال:{وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} فعطف الفعل والفاعل على الظرف وما ارتفع به. وعكسه {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ}(٥)، لأنه صَدَّر أولًا بالفعل والفاعل، ثم أتى بالظرف وما ارتفع به فعطفه عليه. قلت: والوجه أن يكون ارتفاع قوله: {عِلْمُ السَّاعَةِ} بالابتداء، والظرف خبره، وإنما قدم للاهتمام به، والتقدير: عنده علم الساعة وأن ينزل الغيث، أي: وإنزال الغيث، فلما حذف (أن) ارتفع الفعل، كقوله:{لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} على أحد الأوجه (٦). وقوله:
(١) الأول للمفضل وابن كامل، والثاني لابن عيسى. انظر النكت والعيون ٤/ ٣٤٩. (٢) كون (الغرور) بمعنى الشيطان: هو قول مجاهد، وقتادة، والضحاك كما في جامع البيان ٢١/ ٨٧. ومعاني النحاس ٥/ ٢٩٣. وكونه بمعنى الأمل: هو قول ابن جبير كما في النكت والعيون ٤/ ٣٤٩، قال: وهو تمني المغفرة في عمل المعصية. (٣) قرأها سماك بن حرب، وأبو حيوة، وابن السميفع. انظر المحتسب ٢/ ١٧٢. والمحرر الوجيز ١٣/ ٢٧. والقرطبي ١٤/ ٨١. (٤) كابن جني وغيره كما في التبيان ٢/ ١٠٤٦. (٥) سورة المؤمنون، الآية: ٢١. (٦) انظر إعرابه للآية (٨٣) من البقرة.